" صفحة رقم ١٥٧ "
شاهداً ومبشّراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ( ( الأحزاب : ٤٥، ٤٦ )، فزيد في صفات النبي ( ﷺ ) هنالك ) وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ( ولم يذكر مثله في الآية هذه التي في سورة الفتح. ووجه ذلك أن هذه الآية التي في سورة الفتح وردت في سياق إبطال شك الذين شكوا في أمر الصلح والذين كذبوا بوعد الفتح والنصر، والثناءِ على الذين اطمأنوا لذلك فاقتصر من أوصاف النبي ( ﷺ ) على الوصف الأصلي وهو أنه شاهد على الفريقين وكونه مبشراً لأحد الفريقين ونذيراً للآخر، بخلاف آية الأحزاب فإنها وردت في سياق تنزيه النبي ( ﷺ ) عن مطاعن المنافقين والكافرين في تزوجه زينب بنت جحش بعد أن طلقها زيد بن حارثة بزعمهم أنها زوجة ابنه، فناسب أن يزاد في صفاته ما فيه إشارة إلى التمحيص بين ما هو من صفات الكمال وما هو من الأوهام الناشئة عن مزاعم كاذبة مثل التبنِّي، فزيد كونه ) داعياً إلى الله بإذنه (، أي لا يتبع مزاعم الناس ورغباتهم وأنه سراج منير يهتدي به من همتُّه في الاهتداء دون التقعير.
وقد تقدم في تفسير سورة الأحزاب حديث عبد الله بن عَمرو بن العاصي في صفة رسول الله ( ﷺ ) في ( التوراة ) فارجع إليه.
شروع في الغرض الأصلي من هذه السورة، وهذه الجملة مستأنفة، وأكد بحرف التأكيد للاهتمام، وصيغة المضارع في قوله :( يبايعونك ( لاستحضار حالة المبايعة الجليلة لتكون كأنها حاصلة في زمن نزول هذه الآية مع أنها قد انقضت وذلك كقوله تعالى :( ويَصنع الفلك ( ( هود : ٣٨ ).
وَالحصر المفاد من ) إنما ( حَصر الفعل في مفعوله، أي لا يبايعون إلا الله وهو قصر ادعائيّ بادعاء أن غاية البيعة وغرضها هو النصر لدين الله ورسوله فنزل الغرض منزلة الوسيلة فادعى أنهم بايعوا الله لا الرسول.


الصفحة التالية
Icon