" صفحة رقم ١٥٩ "
إلى معنى العهد على الطاعة والنصرة قال تعالى :( يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعْنَك على أن لا يشركن بالله شيئاً ( ( الممتحنة : ١٢ ) الآية وهي هنا بمعنى العهد على النصرة والطاعة. وهي البيعة التي بايعها المسلمون النبي ( ﷺ ) يوم الحديبية تحت شجرة من السّمُر وكانوا ألفاً وأربعمائة على أكثر الروايات. وقال جابر بن عبد الله : أو أكثر، وعنه : أنهم خمس عَشرة مائة. وعن عبد الله بن أبي أوفى كانوا ثلاث عشرة مائة. وأول من بايع النبي ( ﷺ ) تحت الشجرة أبو سنان الأسدي. وتسمّى بيعة الرضوان لقول الله تعالى ) لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ( ( الفتح : ١٨ ).
وكان سبب هذه البيعة أن رسول الله ( ﷺ ) أرسل عثمان بن عفان من الحديبية إلى أهل مكة ليفاوضهم في شأن التخلية بين المسلمين وبين الاعتمار بالبيت فأرجف بأن عثمان قتل فعزم النبي ( ﷺ ) على قتالهم لذلك ودعا من معه إلى البيعة على أن لا يرجعوا حتى يناجزوا القوم، فكان جابر بن عبد الله يقول : بايعوه على أن لا يَفرَّوا، وقال سلمة بن الأكوع وعبد الله بن زيد : بايعناه على المَوت، ولا خلاف بين هذين لأن عدم الفرار يقتضي الثبات إلى الموت. ولم يتخلف أحد ممن خرج مع النبي ( ﷺ ) إلى الحديبيّة عن البيعة إلا عثمان إذ كان غائباً بمكة للتفاوض في شأن العمرة، ووضع النبي ( ﷺ ) يده اليمنى على يده اليسرى وقال :( هذه يد عثمان ) ثم جاء عثمان فبايع، وإلا الجد بن قيس السلمى اختفى وراء جَمَلِهِ حتّى بايع الناسُ ولم يكن منافقاً ولكنّه كان ضعيف العزم. وقال لهم النبي ( ﷺ ) أنتم خير أهل الأرض.
وفرع قوله :( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ( على جملة ) إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله (، فإنه لما كَشف كنه هذه البيعة بأنها مبايعة لله ضرورة أنها مبايعة لرسول الله ( ﷺ ) باعتبار رسالته عن الله صار أمر هذه البيعة عظيماً خطيراً في الوفاء بما وقع عليه التبايع وفي نكث ذلك.
والنكث : كالنقض للحبل. قال تعالى :( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من


الصفحة التالية
Icon