" صفحة رقم ١٦٢ "
حقيقي لأنهم كانوا مؤمنين ولكنهم ظنوا أن استغفار النبي ( ﷺ ) لهم يمحو ما أضمروه من النكث وذهلوا عن علم الله بما أضمروه كدأب أهل الجهالة فقد قتل اليهود زكرياء مخافة أن تصدر منه دعوة عليهم حين قتلوا ابنه يحيى ولذلك عقب قولهم هنا بقوله تعالى :( بل كان الله بما تعملون خبيراً ( الآية.
وجملة ) يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ( في موضع الحال. ويجوز أن تكون بدل اشتمال من جملة ) سيقول لك المخلفون ).
والمعنى : أنهم كاذبون فيما زعموه من الاعتذار، وإنما كان تخلفهم لظنهم أن النبي ( ﷺ ) يقصد قتال أهل مكة أو أن أهل مكة مقاتلوه لا محالة وأن الجيش الذين كانوا مع النبي ( ﷺ ) لا يستطيعون أن يغلبوا أهل مكة، فقد روي أنهم قالوا : يذهب إلى قوم غزَوْهُ في عُقر داره بالمدينة يعنون غزوة الأحزاب وقتلوا أصحابه فيقاتلهم وظنوا أنه لا ينقلب إلى المدينة وذلك من ضعف يقينهم.
أمر الرسول ( ﷺ ) بأن يقول لهم ما فيه ردّ أمرهم إلى الله ليُعلمهم أن استغفاره الله لهم لا يُكره الله على المغفرة بل الله يفعل ما يشاء إذا أراده فإن كان أراد بهم نفعاً نفعهم وإن كان أراد بهم ضَرا ضرهم فما كان من النصح لأنفسهم أن يتورطوا فيما لا يرضي الله ثم يستغفرونه. فلعله لا يغفر لهم، فالغرض من هذا تخويفهم من عقاب ذنبهم إذ تخلفوا عن نفير النبي ( ﷺ ) وكذبوا في الاعتذار ليُكثروا من التوبة وتدارك الممكن كما دل عليه قوله تعالى بعده ) قل للمخلفين من الأعراب ستُدعون إلى قوم ( ( الفتح : ١٦ ) الآية.
فمعنى ) إن أراد بكم ضراً أو أراد بكم نفعاً ( هنا الإرادة التي جرت على وفق علمه تعالى من إعطائه النفع إياهم أو إصابته بضرّ وفي هذا الكلام توجيه بأن


الصفحة التالية
Icon