" صفحة رقم ١٦٣ "
تخلّفهم سبب في حرمانهم من فضيلة شهود بيعة الرضوان وفي حرمانهم من شهود غزوة خيبر بنهيه عن حضورهم فيها.
ومعنى الملك هنا : القدرة والاستطاعة، أي لا يقدر أحد أن يغير ما أراده الله وتقدم نظير هذا التركيب في قوله تعالى :( قل فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أنْ يُهلك المسيحَ ابن مريم في سورة العقود.
والغالب في مثل هذا أن يكون لنفي القدرة على تحويل الشر خيراً كقوله : ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً ( ( المائدة : ٤١ ). فكان الجري على ظاهر الاستعمال مقتضياً الاقتصار على نفي أن يملك أحد لهم شيئاً إذا أراد الله ضرهم دون زيادة أو أرادَ بكم نفعاً، فتوجه هذه الزيادة أنها لقصد التتميم والاستيعاب، ونظيرُه ) قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رَحمة في سورة الأحزاب. وقد مضى قريب من هذا في قوله تعالى : قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله في سورة الأعراف فراجعه.
وقرأ الجمهور ضَرا ( بفتح الضاد، وقرأه حمزة والكسائي بضمها وهما بمعنى، وهو مصدر فيجوز أن يكون هنا مرادا به معنى المصدر، أي إن أراد أن يضركم أو ينفعكم. ويجوز أن يكون بمعنى المفعول كالخَلق بمعنى المخلوق، أي إن أراد بكم ما يُضركم وما ينفعكم. ومعنى تعلق ) أراد ( به أنه بمعنى أراد إيصال ما يضركم أو ما ينفعكم.
وهذا الجواب لا عِدة فيه من الله بأن يغفر لهم إذ المقصود تركهم في حالة وَجَل ليستكثروا من فِعل الحسنات. وقُصدت مفاتحتهم بهذا الإبهام لإلقاء الوجل في قلوبهم أن يُغفر لهم ثم سيتبعه بقوله :( ولله ملك السماوات والأرض ( ( آل عمران : ١٨٩ ) الآية الذي هو أقرب إلى الإطماع.
و ) بل ( في قوله :( بل كان الله بما تعملون خبيرا ( إضراب لإبطال قولهم ) شغلتنا أموالُنا وأهلونا ). وبه يزداد مضمون قوله :( يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ( تقريراً لأنه يتضمن إبطالاً لعذرهم، ومن معنى الإبطال يحصل بيان


الصفحة التالية
Icon