" صفحة رقم ١٦٦ "
عطف على جملة ) فمن يملك لكم من الله شيئاً ( ( الفتح : ١١ ) فهو من أجزاء القول، وهذا انتقال من التخويف الذي أوهمه ) فمن يملك لكم من الله شيئا ( إلى إطماعهم بالمغفرة التي سألوها، ولذلك قدم الضر على النفع في الآية الأولى فقيل ) إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا ( ( الفتح : ١١ ) ليكون احتمال إرادة الضر بهم أسبق في نفوسهم.
وقدمت المغفرة هنا بقوله :( يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ( ليتقرر معنى الإطماع في نفوسهم فيبتدروا إلى استدراك ما فاتهم. وهذا تمهيد لوعدهم الآتي في قوله :( قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد إلى قوله : فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً ( ( الفتح : ١٦ ).
وزاد رجاءَ المغفرة تأكيداً بقوله :( وكان الله غفوراً رحيماً ( أي الرحمة والمغفرة أقرب من العقاب، وللأمرين مواضع ومراتب في القرب والبعد، والنوايا والعوارض، وقيمة الحسنات والسيئات، قد أحاط الله بها وقدرها تقديراً.
ولفظ ) من يشاء ( في الموضعين إجمال للمشيئة وأسبابها وقد بينت غير مرة في تضاعيف القرآن والسنة ومن ذلك قوله :( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ( ( النساء : ٤٨ ).
هذا استئناف ثان بعد قوله :( سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا ( ( الفتح : ١١ ). وهو أيضاً إعلام للنبيء ( ﷺ ) بما سيقوله المخلفون عن الحديبيّة يتعلّق بتخلّفهم عن الحديبية وعذرهم الكاذب، وأنهم سيندمون على تخلفهم حين يرون اجتناء أهل


الصفحة التالية
Icon