" صفحة رقم ١٦٧ "
الحديبيّة ثمرة غزوهم، ويتضمن تأكيد تكذيبهم في اعتذارهم عن التخلف بأنهم حين يعلمون أن هنالك مغانم من قتال غير شديد يحرصون على الخروج ولا تشغلهم أموالهم ولا أهاليهم، فلو كان عذرهم حقاً لما حرصوا على الخروج إذا توقعوا المغانم ولأقبلوا على الاشتغال بأموالهم وأهليهم.
ولكون هذه المقالة صدرت منهم عن قريحة ورغبة لم يؤت معها بمجرور ) لك ( كما أُتي به في قوله :( سيقول لك المخلفون ( آنفاً لأن هذا قولُ راغب صادق غير مزوِّر لأجل الترويج على النبي ( ﷺ ) كما علمت ذلك فيما تقدم.
واستُغني عن وصفهم بأنهم من الأعراب لأن تعريف ) المخلفون ( تعريف العهد، أي المخلفون المذكورون.
وقوله :( إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ( متعلق ب ) سيقول المخلَّفون ( وليس هو مقول القول. و ) إذا ( ظرف للمستقبل، ووقوع فعل المضي بعده دون المضارع مستعار لمعنى التحقيق، و ) إذا ( قرينة على ذلك لأنها خاصة بالزمن المستقبل.
والمراد بالمغانم في قوله :( إذا انطلقتم إلى مغانم ( : الخروج إلى غزوة خيبر فأطلق عليها اسم مغانم مجازا لعلاقة الأوْل مثل إطلاق خَمراً في قوله :( إني أرانِيَ أعصر خمراً ( ( يوسف : ٣٦ ). وفي هذا المجاز إيماء إلى أنهم منصورون في غزوتهم.
وأن النبي ( ﷺ ) لما رجَع من الحديبيّة إلى المدينة أقام شهر ذي الحجة سنة وست وأياماً من محرم سنة سبع ثم خرج إلى غزوة خيبر ورام المخلفون عن الحديبيّة أن يخرجوا معه فمنعهم لأن الله جعلَ غزوة خيبر غنيمة لأهل بيعة الرضوان خاصة إذ وعدهم بفتح قريب.
وقوله :( لتأخذوها ( ترشيح للمجاز وهو إيماء إلى أن المغانم حاصلة لهم لا محالة.
وذلك أن الله أخبر نبيئه ( ﷺ ) أنه وعد أهل الحديبيّة أن يعوضهم عن عدم دخول مكة مغانم خبير.


الصفحة التالية
Icon