" صفحة رقم ١٦٨ "
و ) مغانم ( : جمع مغنم وهو اسم مشتق من غَنم إذا أصاب ما فيه نفع له كأنهم سموه مغنماً باعتبار تشبيه الشيء المغنوم بمكان فيه غنم فصيغ له وزن المَفْعَل.
وأشعر قوله :( ذَرُونا ( بأن النبي ( ﷺ ) سيمنعهم من الخروج معه إلى غزو خيبر لأن الله أمره أن لا يُخرج معه إلى خيبر إلا من حضر الحديبيّة، وتقدم في قوله تعالى :( وقال فرعون ذروني أقتل موسى في سورة غافر.
وقوله : نتبعكم ( حكاية لمقالتهم وهو يقتضي أنهم قالوا هذه الكلمة استنزالاً لإجابة طلبهم بأن أظهروا أنهم يخرجون إلى غزو خيبر كالأتباع، أي أنهم راضِون بأن يكونوا في مؤخرة الجيش فيكون حظهم في مغانمه ضعيفاً.
وتبديل كلام الله : مخالفة وحيه من الأمر والنهي والوعد كرامة للمجاهدين وتأديباً للمخلفين عن الخروج إلى الحديبيّة. فالمراد بكلام الله ما أوحاه إلى رسوله ( ﷺ ) من وعد أهل الحديبيّة بمغانم خيبر خاصة لهم، وليس المراد بكلام الله هنا القرآن إذ لم ينزل في ذلك قرآن يومئذٍ. وقد أشرك مع أهل الحديبية من ألحق بهم من أهل هجرة الحبشة الذين أعطاهم النبي ( ﷺ ) بوحي.
وأما ما روي عن عبد الله بن زيد بن أسلم أن المراد بكلام الله قوله تعالى :( فقل لن تخرجوا معي أبداً ولن تقاتلوا معي عدواً ( ( التوبة : ٨٣ ) فقد رده ابن عطية بأنها نزلت بعد هذه السورة وهؤلاء المخلفون لم يمنعوا منعاً مؤبداً بل منعوا من المشاركة في غزوة خيبر لئلا يشاركوا في مغانمها فلا يلاقي قوله فيها ) لن تخرجوا معي أبداً ( وينافي قوله في هذه السورة ) قُل للمخلَّفين من الأعراب ستُدَعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم ( ( الفتح : ١٦ ) الآية، فإنها نزلت في غزوة تبوك وهي بعد الحديبيّة بثلاث سنين.
وجملة ) يريدون أن يُبدِّلوا كلام الله ( في موضع الحال. والإرادة في قوله :( يُريدون أن يُبدلوا كلام الله ( على حقيقتها لأنهم سيعلمون حينئذٍ يقولون :( ذرونا نتبعكم ( أن الله أوحَى إلى نبيه ( ﷺ ) بمنعهم من المشاركة في فتح خيبر كما دل عليه تنازلهم في قولهم :( ذرونا نتبعكم ( فهم يريدون حينئذٍ أن


الصفحة التالية
Icon