" صفحة رقم ١٧٦ "
لهم وشكرهم على حبهم نصر النبي ( ﷺ ) بالفعل ولذلك رتب عليه قوله :( فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً ).
والسكينة هنا هي : الطمأنينة والثقة بتحقيق ما وعدهم الله من الفتح والارتياض على ترقبه دون حسرة فترتب على علمه ما في قلوبهم إنزاله السكينة عليهم، أي على قلوبهم فعبر بضميرهم عوضاً عن ضمير ) قلوبهم ( لأن قلوبهم هي نفوسهم.
وعطف ) أثابهم ( على فعل ) رضي اللَّه ). ومعنى أثابهم : أعطاهم ثواباً، أي عوضاً، كما يقال في هبة الثواب، أي عوضهم عن المبايعة بفتح قريب. والمراد : أنه وعدهم بثواب هو فتح قريب ومغانم كثيرة، ففعل ) أثابهم ( مستعمل في المستقبل. وهذا الفتح هو فتح خيبر فإنه كان خاصاً بأهل الحديبية وكان قريباً من يوم البيعة بنحو شهر ونصف.
والمغانم الكثيرة المذكورة هنا هي : مغانم أرض خيبر والأنعام والمتاع والحوائط فوصفت ب ) كثيرة ( لتعدّد أنواعها وهي أول المغانم التي كانت فيها الحوائط.
وفائدة وصف المغانم بجملة ) يأخذونها ( تحقيق حصول فائدة هذا الوعد لجميع أهل البيعة قبل أن يقع بالفعل ففيه زيادة تحقيق لكون الفتح قريباً وبشارةٌ لهم بأنهم لا يهلك منهم أحد قبل رؤية هذا الفتح.
وجملة ) وكان اللَّه عزيزاً حكيماً ( معترضة، وهي مفيدة تذييل لجملة ) وأثابهم فتحاً قريباً ومغانم كثيرة يأخذونها ( لأن تيسير الفتح لهم وما حصل لهم فيه من المغانم الكثيرة من أثر عزة الله التي لا يتعاصى عليها شيء صعب، ومن أثر حكمته في ترتيب المسببات على أسبابها في حالة ليظن الرائي أنها لا تيسّر فيها أمثالها.
هذه الجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً نشأ عن قوله :( وأثابهم فتحاً قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها ( ( الفتح : ١٨، ١٩ ) إذ علم أنهُ فتحُ خيبر، فحق لهم ولغيرهم أن يخطر ببالهم أن


الصفحة التالية
Icon