" صفحة رقم ١٧٧ "
يترقبوا مغانم أخرى فكان هذا الكلام جواباً لهم، أي لكم مغانم أخرى لا يُحرم منها من تخلفوا عن الحديبية وهي المغانم التي حصلت في الفتوح المستقبلة.
فالخطاب للنبيء ( ﷺ ) وللمسلمين تبعاً للخطاب الذي في قوله :( إذ يبايعونك تحت الشجرة ( ( الفتح : ١٨ ) وليس خاصاً بالذين بايعوا. والوعد بالمغانم الكثيرة واقع في ما سبق نزوله من القرآن وعلى لسان الرسول ( ﷺ ) مما بلغه إلى المسلمين في مقامات دعوته للجهاد. ووصف ) مغانم ( بجملة ) تأخذونها ( لتحقيق الوعد.
وبناء على ما اخترناه من أن هذه السورة نزلت دفعة واحدة يكون فعل ) فعجّل ( مستعملاً في الزمن المستقبل مجازاً تنبيهاً على تحقيق وقوعه، أي سيعجل لكم هذه. وإنما جعل نوالهم غنائم خيبر تعجيلاً، لقرب حصوله من وقت والوعد به. ويحتمل أن يكون تأخّر نزول هذه الآية إلى ما بعد فتح خيبر على أنها تكملة لآية الوعد التي قبلها، وأن النبي ( ﷺ ) أمر بوضعها عقبها وقد أشرنا إلى ذلك في الكلام على أول هذه السورة ولكن هذا غير مروي.
والإشارة في قوله :( هذه ( إلى المغانم في قوله :( ومغانم كثيرة يأخذونها ( ( الفتح : ١٩ ) وأشير إليها على اختلاف الاعتبارين في استعمال فعل ) فعجل لكم هذه ).
امتنان عليهم بنعمة غفلوا عنها حين حزنوا لوقوع صلح الحديبية وهي نعمة السلم، أي كف أيدي المشركين عنهم فإنهم لو واجهوهم يوم الحديبية بالقتال دون المراجعة في سبب قدومهم لرجع المسلمون بعد القتال متعبين. ولَما تهيأ لهم فتح خيبر، وأنهم لو اقتتلوا مع أهل مكّة لدُحِض في ذلك مؤمنون ومؤمنات كانوا في مكة كما أشار إليه قوله تعالى :( ولولا رجال مؤمنون ( ( الفتح : ٢٥ ) الآية.
فالمراد ب ) الناس ( : أهل مكة جرياً على مصطلح القرآن في إطلاق هذا اللفظ غالباً.


الصفحة التالية
Icon