" صفحة رقم ١٧٨ "
وقيل : المراد كف أيدي الأعراب المشركين من بني أسد وغطفان وكانوا أحلافاً ليهود خيبر وجاءوا لنصرتهم لما حاصر المسلمون خيبر فألقى الله في قلوبهم الرعب فنكصوا.
وقيل : إن المشركين بعثوا أربعين رجلاً ليصيبوا من المسلمين في الحديبية فأسرهم المسلمون، وهو ما سيجيء في قوله :( وأيْدِيَكم عنهم ( ( الفتح : ٢٤ ). وقيل : كفّ أيدي اليهود عنكم، أي عن أهلكم وذراريكم إذ كانوا يستطيعون أن يهجموا على المدينة في مدة غيبة معظم أهلها في الحديبية، وهذا القول لا يناسبه إطلاق لفظ ) الناس ( في غالب مصطلح القرآن.
والكف : منع الفاعل من فعل أراده أو شرع فيه، وهو مشتق من اسم الكف التي هي اليد لأن أصل المنع أن يكون دفعاً باليد، ويقال : كف يده عن كذا، إذا منعه من تناوله بيده.
وأطلق الكف هنا مجازاً على الصرف، أي قدّر الله كف أيدي الناس عنكم بأن أوجد أسباب صرفهم عن أن يتناولوكم بضر سواء نووه أو لم ينووه، وإطلاق الفعل على تقديره كثير في القرآن حين لا يكون للتعبير عن المعاني الإلهية فعل مناسب له في كلام العرب، فإن اللغة بينت على متعارف الناس مخاطباتهم وطرأت معظم المعاني الإلهية بمجيء القرآن فتغير عن الشأن الإلهي بأقرب الأفعال إلى معناه.
الظاهر أن الواو عاطفة وأن ما بعد الواو علة كما تقتضي لام كي فتعين أنه تعليل لشيء مما ذكر قبله في اللفظ أو عطف على تعليل سبقه. فيجوز أن يكون معطوفاً على بعض التعليلات المتقدمة من قوله :( ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ( ( الفتح : ٤ ) أو من قوله :( ليُدخل المؤمنين والمؤمنات جنات ( ( الفتح : ٥ ) وما بينهما اعتراضاً وهو وإن طال فقد اقتضته التنقلات المتناسبات. والمعنى أن الله أنزل السكينة في قلوب المؤمنين لمصالح لهم منها ازدياد إيمانهم واستحقاقهم الجنة وتكفير سيئاتهم


الصفحة التالية
Icon