" صفحة رقم ٢٠٨ "
) كزرع ( خبره، وهو المثَل. وهذا هو الظاهر من سياق الآية فيكون مشيراً إلى نحو قوله في ( إنجيل متى ) الإصحاح ١٣ فقرة ٣ ( هو ذا الزَارع قد خرج ليزرع يعني عيسى عليه السّلام وفيما هو يزرع سقط بعض على الطريق فجاءت الطيور وأكلته ) إلى أن قال ( وسقط الآخر على الأرض الجيدة فأعطى ثمره بعض مائة وآخر ستين وآخر ثلاثين ). قال فقرة، ثم قال :( وأما المزروع على الأرض الجيدة فهو الذي يسمع الكلمة ويفهم، وهو الذي يأتي بثَمر فيصنع بعضٌ مائةً وبعضٌ ستين وآخر ثلاثين ). وهذا يتضمن نماء الإيمان في قلوبهم وبأنهم يدعون الناس إلى الدين حتى يكثر المؤمنون كما تنبت الحبة مائة سنبلة وكما تنبت من النواة الشجرة العظيمة.
وفي قوله :( أخرج شطأه ( استعارة الإخراج إلى تفرع الفراخ من الحبة لمشابهة التفرع بالخروج ومشابهة الأصل المتفرع عنه بالذي يخرج شيئاً من مكان.
والشطْءُ بهمزة في آخره وسكون الطاء : فراخ الزرع وفروع الحبّة. ويقال : أشطأ الزرع، إذا أخرج فروعا. وقرأه الجمهور بسكون الطاء وبالهمز وقرأه ابن كثير ) شَطأه ( بفتح الطاء بعدها ألف على تخفيف الهمزة ألفا.
و ) آزره ( قوّاه، وهو من المؤازرة بالهمز وهي المعاونة وهو مشتق من اسم الإزار لأنه يشد ظهر المتّزر به ويعينه شدهُ على العمل والحَمل كذا قيل. والأظهر عندي عكس ذلك وهو أن يكون الإزار مشتقاً اسمه من : آزر، لأن الاشتقاق من الأسماء الجامدة نادر لا يصار إلى ادعائه إلا إذا تعين. وصيغة المفاعلة في ) آزره ( مستعارة لقوة الفعل مثل قولهم : عافاك الله، وقوله تعالى :( وبارك فيها ( ( فصلت : ١٠ ).
والضمير المرفوع في ) آزره ( للشطء، والضمير المنصوب للزرع، أي قوًى الشطء أصله.


الصفحة التالية
Icon