" صفحة رقم ٢٢٣ "
الثناء هنا بعدم رفع الصوت وعدم الجهر عند الرسول ( ﷺ ) إلى نوطه بغض الصوت عنده.
والغض حقيقته : خفض العين، أي أن لا يُحدق بها إلى الشخص وهو هنا مستعار لِخفض الصوت والميللِ به إلى الإسرار.
والامتحان : الاختبار والتجربة، وهو افتعال من مَحَنه، إذا اختبره، وصيغة الافتعال فيه للمبالغة كقولهم : اضطره إلى كذا.
واللام في قوله : للتقوى لام العلة، والتقدير : امتحن قلوبهم لأجل التقوى، أي لتكون فيها التقوى، أي ليكونوا أتقياء، يقال : امتحَن فلان للشيء الفلاني كما يقال : جرب للشيء ودُرب للنهوض بالأمر، أي فهو مضطلع به ليس بِواننٍ عنه فيجوز أن يجعل الامتحان كناية على تمكّن التقوى من قلوبهم وثباتهم عليها بحيث لا يوجدون في حال مَّا غيرَ متقين وهي كناية تلويحية لكون الانتقال بعدة لوازم، ويجوز أن يجعل فعل ) امتحن ( مجازاً مرسلاً عن العلم، أي علم الله أنهم متقون، وعليه فتكون اللام من قوله :( للتقوى ( متعلّقة بمحذوف هو حال من قلوب، أي كائنة للتقوى، فاللام للاختصاص.
وجملة ) لهم مغفرة ( خبر ) إنّ ( وهو المقصود من هذه من الجملة المستأنفة وما بينهما اعتراض للتنويه بشأنه. وجعل في ( الكشاف ) خبر ) إنَّ ( هو اسم الإشارة مع خبره وجعل جملة ) لهم ( مستأنفة ولكل وجه فانظره.
وقال :( وهذه الآية بنظمها الذي رتبت عليه من إيقاع الغاضين أصواتهم اسماً ل ) إنّ ( المؤكّدة وتصيير خبرها جملة من مبتدأ وخبر معرفتين معاً. والمبتدأ اسم الإشارة، واستئناف الجملة المستودَعة ما هو جزاؤهم على عملهم، وإيراد الجزاء نكرة مبهماً أمره ناظرة في الدلالة على غاية الاعتداد والارتضاء لما فعَل الذين وقَّروا رسول الله ( ﷺ ) وفي الإعلام بمبلغ عزة رسول الله وقدر شرف منزلته ) اه. وهذا الوعد والثناء يشملان ابتداءً أبا بكر وعمر إذ كان كلاهما يكلّم رسول الله ( ﷺ ) كأخي السِّرار.