" صفحة رقم ٢٣٨ "
وانتصب ) فضلاً من اللَّه ونعمة ( على المفعول المطلق المبين للنوع من أفعال ) حَبَّب ( ) وزيَّن ( ) وكرَّه ( لأن ذلك التحبيب والتزيّين والتّكريه من نوع الفضل والنعمة.
وجملة ) واللَّه عليم حكيم ( تذييل لجملة ) واعلموا أن فيكم رسول الله ( إلى آخرها إشارة إلى أن ما ذكر فيها من آثار علم الله وحكمته.. والواو اعتراضية.
لما جرى قوله :( أن تصيبوا قوماً بجهالة ( ( الحجرات : ٦ ) الآية كان مما يصدق عليه إصابة قوم أن تقع الإصابة بين طائفتين من المؤمنين لأن من الأخبار الكاذبة أخبار النميمة بين القبائل وخطرها أكبر مما يجري بين الأفراد والتبين فيها أعسر، وقد لا يحصل التبيّن إلا بعد أن تستعر نار الفتنة ولا تجدي الندامة. وفي ( الصحيحين ) عن أنس بن مالك : أن الآية نزلت في قصة مرور رسول الله ( ﷺ ) على مجلس فيه عبد الله بنُ أبيّ بنُ سلول ورسول الله ( ﷺ ) على حمار فوقف رسول الله ( ﷺ ) وبال الحمار، فقال عبد الله بن أُبَيّ : خلّ سبيل حمارك فقد آذانا نتنه. فقال له عبد الله بن رواحة : والله إن بول حماره لأطيَبُ من مسكك فاستَبَّا وتجالدا وجاء قوماهما الأوس والخزرج، فتجالدوا بالنعال والسعف فرجع إليهم رسول الله فأصلح بينهم... فنزلت هذه الآية. وفي ( الصحيحين ) عن أسامة بن زيد : وليس فيه أن الآية نزلت في تلك الحادثة.
ويناكد هذا أن تلك الوقعة كانت في أول أيام قدوم رسول الله ( ﷺ ) المدينة. وهذه السورة نزلت سنة تسع من الهجرة وأن أنس بن مالك لم يجزم بنزولها في ذلك لقوله : فبلغنا أن نزلت فيهم ) وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ). اللهم أن تكون هذه الآية ألحقت بهذه السورة بعد نزول الآية بمدة طويلة.