" صفحة رقم ٣٢٧ "
المتأولون على أن التسبيح هنا الصلاة. قلت : ولذلك صار فعل التسبيح منزلاً منزلة اللازم لأنه في معنى : صَلّ. والباء في ) بحمد ربك ( يرجح كون المراد بالتسبيح الصلاة لأن الصلاة تقرأ في كل ركعة منها الفاتحة وهي حمد لله تعالى، فالباء للملابسة.
واختلف المفسرون في المراد بالصلاة من قوله :( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وأدبار السجود ( ففي ( صحيح مسلم ) عن جرير بن عبد الله :( كُنَّا جلوساً عند النبي ( ﷺ ) إذ نظر إلى القمر فقال : إنكم سَتَرَوْنَ ربَّكم كما ترون هذا القمر لا تُضامُون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تُغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) يعني بذلك العصر والفجر. ثم قرأ جرير ) وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ( كذا. والقراءة ) الغروب ). وعن ابن عباس : قبل الغروب : الظهر والعصر. وعن قتادة : العصر.
وقوله :( ومن الليل فسبحه ( الجمهورُ على أن التسبيح فيه هو الصلاة، وعن أبي الأحوص أنه قول سبحان الله، فعلى أن التسبيح الصلاة قال ابن زيد : صلاة المغرب وصلاة العشاء.
و ) قبل الغروب ( ظرْفٌ واسع يبتدىء من زوال الشمس عن كبد السماء لأنها حين تزول عن كبد السماء قد مالت إلى الغروب وينتهي بغروبها، وشمل ذلك وقتَ صلاة الظهر والعصر، وذلك معلوم للنبيء ( ﷺ ) وتسبيح الليل بصلاتي المغرب والعشاء لأن غروب الشمس مبدأ الليل، فإنهم كانوا يؤرخون بالليالي ويبتدئون الشهر بالليلة الأولى التي بعد طلوع الهلال الجديد عقب غروب الشمس.
وقيل هذه المذكورات كلها نوافل، فالذي قبل طلوع الشمس ركعتا الفجر، والذي قبل الغروب ركعتان قبل غروب الشمس قاله أبو برزة وأنس بن مالك، والذي من الليل قيام الليل قاله مجاهد. ويأتي على هذا الوجه الاختلافُ في محمل الأمر على الندب إن كانا عاماً أو


الصفحة التالية
Icon