" صفحة رقم ٨٥ "
ومعنى نصرهم الله : نصرُ دينه ورسوله ( ﷺ ) لأن الله غني عن النصر في تنفيذ إرادته كما قال :( ولو يشاء الله لانتصر منهم ( ( محمد : ٤ ). ولا حاجة إلى تقدير مضاف بين ) تنصروا ( واسم الجلالة تقديره : دين الله، لأنه يقال : نصر فلان فلاناً، إذا نصر ذويه وهو غير حَاضر. وجيء في الشرط بحرف ) إنْ ( الذي الأصل فيه عدم الجزم بوقوع الشرط للإشارة إلى مشقة الشرط وشدته ليُجعل المطلوبُ به كالذي يشك في وفائه به.
وتثبيت الأقدام : تمثيل لليقين وعدم الوهن بحالة من ثبتت قدمه في الأرض فلم يَزِل، فإن الزلل وهَن يسقط صاحبه، ولذلك يمثَّل الانهزام والخيبة والخطأ بزلل القدم قال تعالى :( فتزل قدَم بعد ثبوتها ( ( النحل : ٩٤ ).
( ٨، ٩ )
هذا مقابل قوله :( والذين قاتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم ( ( محمد : ٤ ) فإن المقاتلين في سبيل الله هم المؤمنون، فهذا عطف على جملة ) والذين قاتلوا في سبيل الله ( ( محمد : ٤ ) الآية.
والتعْس : الشقاء ويطلق على عدة معان : الهلاك، والخيبة، والانحطاط، والسقوط، وهي معان تحوم حول الشقاء، وقد كثر أن يقال : تعسا له، للعاثر البغيض، أي سقوطاً وخروراً لا نهوض منه. ويقابله قولهم للعاثر : لعاً لهَ، أي ارتفاعاً، قال الأعشى :
بذات لَوث عفرناةٍ إذا عَثَرت
فالتعسُ أولى لها من أن أقول لَعَا
وفي حديث الإفك : فعثرت أم مسطح في مِرطها فقالت : تَعِس مسطح لأن العثار تَعْس.
ومن بدائع القرآن وقوع ) فتَعْساً لهم ( في جانب الكفار في مقابلة قوله للمؤمنين :( ويُثبتْ أقدامكم ( ( محمد : ٧ ).


الصفحة التالية
Icon