" صفحة رقم ١٠١ "
ولعله شُبه ذلك المكان بالسدرة التي هي واحدة شجر السدر إما في صفة تفرعه، وإما في كونه حداً انتهى إليه قرب النبي ( ﷺ ) إلى موضع لم يبلغه قبله ملَك. ولعله مبني على اصطلاح عندهم بأن يجعلوا في حدود البقاع سدراً.
وإضافة ) سدرة ( إلى ) المنتهى ( يجوز أن تكون إضافة بيانية. ويجوز كونها لتعريف السدرة بمكان ينتهي إليه لا يتجاوزه أحد لأن ما وراءه لا تطيقه المخلوقات.
والسدرة : واحدة السدر وهو شجر النبق قالوا : ويختص بثلاثة أوصاف : ظل مديد، وطعم لذيذ، ورائحة ذكية، فجعلت السدرة مثلاً لذلك المكان كما جُعلت النخلة مثلاً للمؤمِن.
وفي قوله :( ما يغشى ( إبهام للتفخيم الإجمالي وأنه تضيق عنه عبارات الوصف في اللغة.
وجنة المأوى : الجنة المعروفة بأنها مأوى المتقين فإن الجنة منتهى مراتب ارتقاء الأرواح الزكية. وفي حديث الإِسراء بعد ذكر سدرة المنتهى ( ثم أدخلت الجنة ).
وقوله :( إذ يغشى السدرة ما يغشى ( ظرف مستقر في موضع الحال من ) سدرة المنتهى ( أريد به التنويه بما حفّ بهذا المكان المسمى سدرة المنتهى من الجلال والجمال. وفي حديث الإِسراء ( حتى انتهَى بي إلى سدرة المنتهى وغشيها ألوان لا أدري ما هي ) وفي رواية ( غشيها نور من اللَّه ما يستطيع أحد أن ينظر إليها )، وما حصل فيه للنبيء ( ﷺ ) من التشريف بتلقّي الوحي مباشرة من الله دون واسطة الملَك ففي حديث الإِسراء ( حتى ظَهرت بمستوىً أسمع فيه صريف الأقلام ففرض الله على أمتي خمسين صلاة ) الحديث.
وجملة ) ما زاغ البصر وما طغى ( معترضة وهي في معنى جملة ) ولقد رءاه نزلة أخرى ( إلى آخرها، أي رأى جبريل رؤية لا خطأ فيها ولا زيادة على ما وصف، أي لا مبالغة.


الصفحة التالية
Icon