" صفحة رقم ١٠٣ "
والعزّى ومناةَ بالنسبة لما وصف في عظمة الله تعالى وشرف ملائكته وشرف رسوله ( ﷺ ) وهذا تهكم بهم وإبطال لإِلهية تلك الأصنام بطريق الفحوى، ودليله العيان. وأكثر استعمال ( أرأيت ) أن تكون للرؤية البصرية على ما اختاره رضيّ الدين.
وتكون جملة ) ألكم الذكر ( الخ استئنافاً وارتقاء في الرد أو بَدلَ اشتمال من جملة ) أفرأيتم اللات والعزى ( لأن مضمونها مما تشتمل عليه مزاعمهم، كانوا يزعمون أن اللات والعزى ومناة بنات الله كما حكى عنهم ابن عطية وصاحب ( الكشاف ) وسياق الآيات يقتضيه.
ويجوز أن تكون الرؤية علمية، أي أزعمتم اللات والعزى ومناةَ، فحذف المفعول الثاني اختصاراً لدلالة قوله :( ألكم الذكر وله الأنثى ( عليه، والتقدير : أزعمتموهن بنات الله، أتجعلون له الأنثى وأنتم تبتغون الأبناء الذكور، وتكون جملة ) ألكم الذكر ( الخ بياناً للإِنكار وارتقاء في إبطال مزاعمهم، أي أتجعلون لله البنات خاصة وتغتبطون لأنفسكم بالبنين الذكور.
وجعل صاحب ( الكشْف ) قوله :( ألكم الذكر وله الأنثى ( سادًّا مسدَّ المفعول الثاني لفعل ( أرأيتم ).
وأيضاً لما كان فيما جرى من صفة الوحي ومنازل الزلفى التي حظي بها النبي ( ﷺ ) وعظمة جبريل إشعار بسعة قدرة الله تعالى وعظيم ملكوته مما يسجِّل على المشركين في زعمهم شركاء لله أصناماً مثل اللات والعزى ومناة. فسادَ زعمهم وسفاهة رأيهم أعقب ذكر دلائل العظمة الإِلهية بإبطال إلهية أصنامهم بأنها أقل من مرتبة الإِلهية إذ تلك أوهام لا حقائق لها ولكن اخترعتها مُخيّلات أهل الشرك ووضعوا لها أسماء ما لها حقائق، ففرّع ) أفرأيتم اللات والعزى ( الخ فيكون الاستفهام تقريرياً إنكاريًّا، والرؤية علميةَ والمفعول الثاني هو قوله :( إن هي إلا أسماء سميتموها ). ٥
وتكون جملة ) ألكم الذكر وله الأنثى ( الخ معترضة بين المفعولين للارتقاء في الإِنكار، أي وزعمتوهن بنات لله أو وزعمتم الملائكة بنات لله.


الصفحة التالية
Icon