" صفحة رقم ١٢٣ "
وفي إضافة ( رب ) إلى ضمير النبي ( ﷺ ) دون ضمير الجماعة إيماء إلى أن هذه العناية بالمحسنين من أمته قد حصلت لهم ببركته.
والواسع : الكثير المغفرة، استعيرت السعة لكثرة الشمول لأن المكان الواسع يمكن أن يحتوي على العدد الكثير ممن يحلّ فيه قال تعالى :( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً، وتقدم في سورة غافر.
).
الخطاب للمؤمنين، ووقوعه عقب قوله :( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ( ينبىء عن اتصال معناه بمعنى ذلك فهو غير مُوجه لليهود كما في ( أسباب النزول ) للواحدي وغيره. وأصله لعبد الله بن لهيعة عن ثابت بن حارث الأنصاري. قال :( كانت اليهود إذا هلك لهم صبي صغير يقولون : هو صدِّيق، فبلغ ذلك النبي ( ﷺ ) فقال : كذبت يهود، ما من نسمة يخلقها الله في بطن أمه إلا أنه شقي أو سعيد )، فأنزل الله هذه الآية. وعبد الله بن لهيعة ضَعفه ابن معين وتَركه وكيع ويحيى القطان وابن مهدي. وقال الذهبي : العَمل على تضعيفه، قلت : لعل أحد رواة هذا الحديث لم يضبط فقال : فأنزل الله هذه الآية، وإنما قرأها رسول الله ( ﷺ ) أخذاً بعموم قوله :( هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض ( الخ، حجة عليهم، وإلاّ فإن السورة مكية والخوض مع اليهود إنما كان بالمدينة.
وقال ابن عطية : حكى الثعلبي عن الكلبي ومقاتل أنها نزلت في قوم من المؤمنين فخروا بأعمالهم. وكأنَّ الباعث على تطلب سبب لنزولها قصد إبداء وجه اتصال قوله :( فلا تزكوا أنفسكم ( بما قبله وما بعده وأنه استيفاء لمعنى سعة المغفرة ببيان سعة الرحمة واللطف بعباده إذْ سلك بهم مسلك اليسر والتخفيف فعفا عمّا لو آخذهم به لأحرجهم فقوله :( هو أعلم بكم ( نظير قوله :( الآن خفف الله عنكم


الصفحة التالية
Icon