" صفحة رقم ١٢٥ "
وفي ) بطون أمهاتكم ( صفة كاشفة إذ الجنين لا يقال إلا على ما في بطن أمه. وفائدة هذا الكشف أن فيه تذكيراً باختلاف أطوار الأجنة من وقت العلوق إلى الولادة، وإشارة إلى إحاطة علم الله تعالى بتلك الأطوار.
وجملة ) فلا تزكوا أنفسكم ( اعتراض بين جملة ) هو أعلم بكم ( وجملة ) أفرأيت الذي تولى ( ( النجم : ٣٣ ) الخ، والفاء لتفريع الاعتراض، وهو تحذير للمؤمنين من العُجب بأعمالهم الحسنة عجباً يحدثه المرء في نفسه أو يدخله أحدٌ على غيره بالثناء عليه بعمله.
و ) تزكوا ( مضارع زكى الذي هو من التضعيف المراد منه نسبة المفعول إلى أصل الفعل نحو جَهَّله، أي لا تنسبوا لأنفسكم الزكاة.
فقوله :( أنفسكم ( صادق بتزكية المرء نفسه في سره أو علانيته فرجع الجمع في قوله :( فلا تزكوا ( إلى مقابلة الجمع بالجمع التي تقتضي التوزيع على الآحاد مثل : ركب القوم دوابهم.
والمعنى : لا تحسبوا أنفسكم أزكياء وابتغوا زيادة التقرب إلى الله أولاً تثقوا بأنكم أزكياء فيدخلكم العجب بأعمالكم ويشمل ذلك ذكر المرء أعماله الصالحة للتفاخر بها، أو إظهارها للناس، ولا يجوز ذلك إلا إذا كان فيه جلب مصلحة عامة كما قال يوسف :( اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ( ( يوسف : ٥٥ ). وعن الكلبي ومقاتل : كان ناس يعملون أعمالاً حسنة ثم يقولون : صلاتنا وصيامنا وحجنا وجهادنا، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
ويشمل تزكية المرء غيره فيرجع ) أنفسكم ( إلى معنى قَومكم أو جماعتكم مثل قوله تعالى :( فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم ( ( النور : ٦١ ) أي ليسلم بعضكم على بعض. والمعنى : فلا يثني بعضكم على بعض بالصلاح والطاعة لئلا يغيرُه ذلك.
وقد ورد النهي في أحاديث عن تزكية الناس بأعمالهم. ومنه حديث أم عطية حين مات عثمان بن مظعون في بيتها ودخل عليه رسول الله ( ﷺ ) فقالت أم عطية :( رحمةُ


الصفحة التالية
Icon