" صفحة رقم ١٣٣ "
فرضاً أو نفلاً علَى العين، وأما تحمل أحد حِمالة لفعل فعله غيره مثل دِيَات القتل الخطأ فذلك من المؤاساة المفروضة.
واختلف العلماء في تأويل هذه الآية ومحملها : فعن عكرمة أن قوله تعالى :( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ( حكاية عن شريعة سابقة فلا تلزم في شريعتنا يريد أن شريعة الإِسلام نسخت ذلك فيكون قبول عمل أحد عن غيره من خصائص هذه الأمة.
وعن الربيع بن أنس أنه تأول ( الإِنسان ) في قوله تعالى :( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ( بالإِنسان الكافر، وأما المؤمن فله سعيه ومَا يسعى له غيره.
ومن العلماء من تأول الآية على أنها نفت أن تكون للإِنسان فائدة ما عمله غيره إذا لم يجعل الساعي عمله لغيره. وكأنَّ هذا ينحو إلى أن استعمال ) سعى ( في الآية من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه العقليين. ونقل ابن الفرس : أن من العلماء من حمل الآية على ظاهرها وأنه لا ينتفع أحد بعمل غيره، ويؤخذ من كلام ابن الفرس أن ممن قال بذلك الشافعي في أحد قوليه بصحة الإِجارَة على الحج.
واعلم أن أدلة لحاق ثواب بعض الأعمال إلَى غير من عملها ثابتة على الجملة وإنما تتردد الأنظار في التفصيل أو التعميم، وقد قال الله تعالى :( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء ( ( الطور : ٢١ )، وقد بيناه في تفسير سورة الطور. وقال تعالى :( ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ( ( الزخرف : ٧٠ )، فجعل أزواج الصالحين المؤمناتتِ وأزواج الصالحاتتِ المؤمنين يتمتعون في الجنة مع أن التفاوت بين الأزواج في الأعمال ضروري وقد بيناه في تفسير سورة الزخرف.
وفي حديث مسلم ( إذا مات الإِنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا مِن صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له ) وهو عام في كل ما يعمله الإِنسان، ومعيار عمومه الاستثناء فالاستثناء دليل على أن المستثنيات الثلاثة هي من عمل الإِنسان. وقال عياض في ( الإِكمال ) هذه الأشياء لما كان هو سببها فهي


الصفحة التالية
Icon