" صفحة رقم ١٦١ "
وتقديم المجرور للقصر، أي هذا الحديث ليس أهلاً لأن تقابلوه بالضحك والاستهزاء والتكذيب ولا لأن لا يتوب سامعه، أي لو قابلتم بفعلكم كلاماً غيره لكان لكم شبهة في فعلكم، فأمّا مقابلتكم هذا الحديث بما فعلتم فلا عذر لكم فيها.
) (
تفريع على الإِنكار والتوبيخ المفرعين على الإِنذار بالوعيد، فرع عليه أمرهم بالسجود لله لأن ذلك التوبيخ من شأنه أن يعمق في قلوبهم فيكفّهم عما هم فيه من البطر والاستخفاف بالداعي إلى الله. ومقتضى تناسق الضمائر أن الخطاب في قوله :( فاسجدوا لله واعبدوا ( موجه إلى المشركين.
والسجود يجوز أن يراد به الخشية كقوله تعالى :( والنجم والشجر يسجدان ( ( الرحمن : ٦ ). والمعنى : أمرهم بالخضوع إلى الله والكف عن تكذيب رسوله وعن إعراضهم عن القرآن لأن ذلك كله استخفاف بحق الله وكان عليهم لما دُعوا إلى الله أن يتدبروا وينظروا في دلائل صدق الرسول والقرآن.
ويجوز أن يكون المراد سجود الصلاة والأمر به كناية عن الأمر بأن يُسلموا فإن الصلاة شعار الإسلام، ألا ترى إلى قوله تعالى :( ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ( ( المدثر : ٤٢، ٤٣ )، أي من الذين شأنهم الصلاة وقد جاء نظيره الأمر بالركوع في قوله تعالى :( وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون في سورة المرسلات فيجوز فيه المحملان.
وعطف على ذلك أمرهم بعبادة الله لأنهم إذا خضعوا له حَقَّ الخضوع عبدوه وتركوا عبادة الأصنام وقد كان المشركون يعبدون الأصنام بالطواف حولها ومعرضين عن عبادة الله، ألاَ ترى أنهم عمدوا إلى الكعبة فوضعوا فيها الأصنام ليكون طوافهم بالكعبة طوافاً بما فيها من الأصنام.
أو المراد : واعبدوه العبادة الكاملة وهي التي يُفرد بها لأن إشراك غيره في


الصفحة التالية
Icon