" صفحة رقم ٢٧٦ "
هذه الجملة آخر الجمل المكررة وبها انتهى الكلام المسوق للاستدلال على تفرد الله بالإِنعام والتصرف.
إيذان بانتهاء الكلام وفذلكة لما بنيت عليه السورة من التذكير بعظمة الله تعالى ونعمائه في الدنيا والآخرة.
والكلام : إنشاء ثناء على الله تعالى مبالغ فيه بصيغة التفعل التي إذا كان فعلها غير صادر من اثنين فالمقصود منها المبالغة.
والمعنى : وصفه تعالى بكمال البركة، والبركة : الخير العظيم والنفع، وقد تطلق البركة على علو الشأن، وقد تقدم ذلك في أول سورة الفرقان.
والاسم ما دل على ذات سواء كان علَماً مثل لفظ ( الله ) أو كان صفة مثل الصفات العُلى وهي الأسماء الحسنى، فأيّ اسم قدرت من أسماء الله فهو دال على ذات الله تعالى.
وأسند ) تبارك ( إلى ) اسم ( وهو ما يُعرف به المسمى دون أن يقول : تبارك ربك، كما قال :( تبارك الذي نزل الفرقان ( ( الفرقان : ١ ) وكما قال :( فتبارك الله أحسن الخالقين ( ( المؤمنون : ١٤ ) لقصد المبالغة في وصفه تعالى بصفة البركة على طريقة الكناية لأنها أبلغ من التصريح كما هو مقرر في علم المعاني، وأطبق عليه البلغاء لأنه إذا كان اسمه قد تبارك فإن ذاته تباركت لا محالة لأن الاسم دال على المسمى، وهذا على طريقة قوله تعالى :( سبح اسم ربك الأعلى ( ( الأعلى : ١ ) فإنه إذا كان التنزيه متعلقاً باسمه فتعلق التنزيه بذاته أَولى ومنه قوله تعالى :( وثيابك فطهر ( ( المدثر : ٤ ) على التأويل الشَّامل، وقول عنترة :
فشككت بالرمح الأصمّ ثيابه
ليسَ الكريم على القنا بمحرم
أراد : فشككتْهُ بالرمح.


الصفحة التالية
Icon