" صفحة رقم ٢٩٠ "
كثيراً، وهذا هو قول الفراء وأهل اللغة والراغب وصاحب ( لسان العرب ) وصاحب ( القاموس ) والزمخشري في ( الأساس )، وقال الزمخشري في ( الكشاف ) إن الثلة : الأمة الكثيرة من الناس ومحمله على أنه أراد به تفسير معناها في هذه الآية لا تفسير الكلمة في اللغة.
ولما في هذا الاعتراض من الإِشعار بالعزة قدم على ذكر ما لهم من النعيم للإِشارة إلى عظيم كيفيته المناسبةِ لوصفهم ب ( السابقين ) بخلاف ما يأتي في أصحاب اليمين.
ومعنى :( الأولين ( قوم متقدمون على غيرهم في الزمان لأن الأول هو الذي تقدم في صفة مَّا كالوجود أو الأحوال على غير الذي هو الآخِر أو الثاني، فالأوّلية أمر نسبي يبيّنه سياق الكلام حيثما وقع.
فالظاهر أن ) الأولين ( هنا مراد بهم الأمم السابقة قبل الإسلام بناء على ما تقدم من أن الخطاب في قوله :( وكنتم أزواجاً ثلاثة ( ( الواقعة : ٧ ) خطاب لجميع الناس بعنوان أنهم ناس لأن المنقرضين الذين يتقدمون من أمة أو قبيلة أو أهل نحلة يُدعون بالأوليين كما قال الفرزدق :
ومهلهل الشعراء ذاك الأوّل
وقال تعالى :( أو آباؤنا الأوّلون ( ( الواقعة : ٤٨ ) الذين هم يخلفونهم ويكونون موجودين، أو في تقدير الموجودين يُدعون الآخرين.
وقد وُصف أهل الإسلام بالآخرين في حديث فضل الجمعة ( نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بَيد أنهم أُوتوا الكتاب مِن قبلنا ) الحديث. وإذ قد وُصف السابقون بما دل على أنهم أهل السبق إلى الخير ووصفت حالهم في القيامة عَقِبَ ذلك فقد عُلم أنهم أفضل الصالحين من أصحاب الأديان الإِلهية ابتداء من عصر آدم إلى بعثة محمد ( ﷺ ) وهم الذين جاء فيهم قوله تعالى :( مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ( ( النساء : ٦٩ ).
فلا جرم أن المراد ب ) الأولين ( الأممُ الأولى كلها، وكان معظم تلك الأمم