" صفحة رقم ٣١١ "
وقرأ نافع وعاصم وحمزة وأبو جعفر ) شُرب ( بضم الشين اسمَ مصدر شرب، وقرأ الباقون بفتح الشين وهو المصدر لشَرِب. ورويت عن ابن عمر عن رسول الله ( ﷺ ) بسند صححه الحاكم، وخبر الواحد لا يزيد المتواترَ قُوة فكلتا القراءتين متواتر.
والفاء في قوله :( فشاربون عليه من الحميم ( عطف على ) لآكلون ( لإِفادة تعقيب أكل الزقوم ب ) شرب الهيم ( دون فترة ولا استراحة.
وإعادة ) فشاربون ( توكيد لفظي لنظيره، وفائدة هذا التوكيد زيادة تقرير ما في هذا الشرب من الأعجوبة وهي أنه مع كراهته يزدادون منه كما ترى الأهيم، فيزيدهم تفظيعاً لأمعائهم لإِفادة التعجيب من حالهم تعجيباً ثانياً بعد الأول، فإن كونهم شاربين للحميم على ما هو عليه من تناهي الحرارة أمر عجيب، وشربهم له كما تَشرَب الإِبل الهِيم في الإِكثار أمر عجيب أيضاً، فكانتا صفتين مختلفتين.
اعتراض بين جمل الخطاب موجه إلى السامعين غيرهم فليس في ضمير الغيبة التفات.
والإِشارة بقوله :( هذا ( إلى ما ذكر من أكل الزقوم وشرب الهيم.
والنُزلُ بضم النون وضم الزاي وسُكونَها ما يُقدم للضيف من طعام. وهو هنا تشبيه تهكّمي كالاستعارة التهكمية في قول عمرو بن كلثوم :
نزلتم منزل الأضياف منا
فعجَّلنا القِرى أن تشتمونا
قرينانكم فعجلنا قراكم
قبيل الصبح مرداة طحونا
وقول أبي الشّعر الضبيّ، واسمه موسى بن سحيم :
وكنا إذا الجبّار بالجيش ضَافنا
جعلنا القَنا والمُرهفات له نُزْلا