" صفحة رقم ٣٢٣ "
وجعلوا جملة ) إنا لمغرمون ( تندماً وتحسراً، أي تعلمون أن حطم زرعِكُم حرمانٌ من الله جزاء لكفركم، ومعنى ) مغرمون ( من الغرام وهو الهلاك كما في قوله تعالى :( إن عَذابها كان غراماً ( ( الفرقان : ٦٥ ). وهذا شبيه بما في سورة القلم من قوله تعالى :( فلما رأوها قالوا إنا لضالّون إلى قوله : إنا كنا طاغين ( ( القلم : ٢٦ ٣١ ).
فتحصل أن معنى الآية يجوز أن يكون جارياً على ظاهر مادة فعل ) تفكهون ( ويكون ذلك تهكماً بهم حملاً لهم على معتاد أخلاقهم من الهزْل بآيات الله، وقرينة التهكم ما بعده من قوله عنهم ) إنا لمغرمون بل نحن محرومون.
ويجوز أن يكون محمل الآية على جعل تفكهون ( بمعنى تندمون وتحزنون، ولذلك كان لفعل ) تفكهون ( هنا وقع يعوضه غيره.
وجملة ) إنا لمغرمون ( مقول قول محذوف هو حال من ضمير ) تفكهون ).
وقرأ الجمهور ) إنا لمغرمون ( بهمزة واحدة وهي همزة ( إنّ )، وقرأه أبو بكر عن عاصم ) أإنا ( بهمزيتن همزة استفهام وهمزة ( إنِ ).
( ٦٨، ٦٩ )
هذا على طريقة قوله :( أفرأيتم ما تحرثون ( ( الواقعة : ٦٣ ) الآية، تفريعاً واستفهاماً، وفعلَ رؤية.
ومناسبةُ الانتقال أن الحرث إنما ينبت زرعه وشجره بالماء فانتقل من الاستدلال بتكوين النبات إلى الاستدلال بتكوين الماء الذي به حياة الزرع والشجر. ووصفُ ) الماء ( ب ) الذي تشربون ( إدماجٌ للمنة في الاستدلال، أي الماء العذب الذي تشربونه، فإن شرب الماء من أعظم النعم على الإنسان ليقابَل بقوله بعده :( لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون ( ( الواقعة : ٧٠ ).
والمراد ماء المطر ولذلك قال :( أأنتم أنزلتموه من المزن (، والمراد : أنزلتموه