" صفحة رقم ٣٣٠ "
القسم مناسبة وإنما أراد أن ما بعد الفاء هو المقصود من القصيد، وإنما قدم له النسيب تنشيطاً للسامع وبذلك يظهر البَون في النظم بين الآية وبين بيت زهير.
و ) لا أقسم ( بمعنى : أقسم، و ( لا ) مزيدة للتوكيد، وأصلها نافية تدل على أن القائل لا يقدم على القسم بما أقسم به خشية سوء عاقبة الكذب في القسم.
وبمعنى أنه غير محتاج إلى القسم لأن الأمر واضح الثبوت، ثم كثر هذا الاستعمال فصار مراداً تأكيد الخبر فساوى القسم بدليل قوله عقبه :( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم (، وهذا الوجه الثاني هو الأنسب بما وقع من مثله في القرآن.
وعلى الوجهين فهو إدماج للتنويه بشأن ما لو كان مُقسِماً لأقسم به. وعلى الوجه الثاني يكون قوله :( وإنه لقسم ( بمعنى : وإن المذكور لشيء عظيم يُقسم به المقسمون، فإطلاق قسم عليه من إطلاق المصدر وإرادة المفعول كالخلق بمعنى المخلوق.
وعن سعيد بن جبير وبعض المفسرين : أنهم جعلوا ( لا ) حرفاً مستقلاً عن فعل ) أقسم ( واقعاً جواباً لكلام مقدر يدل عليه بعده من قوله :( إنه لقرآن كريم ( ردّاً على أقوالهم في القرآن أنه شعر، أو سحر، أو أساطير الأولين، أو قول كاهن، وجعلوا قوله :( أقسم ( استئنافاً. وعليه بمعنى الكلام مع فاء التفريع أنه تفرع على ما سَطع من أدلة إمكان البعث ما يبطل قولكم في القرآن فهو ليس كما تزعمون بل هو قرآن كريم الخ.
و ) مواقع النجوم ( جمع موقع يجوز أن يكون مكان الوقوع، أي محالُّ وقوعها من ثوابت وسيارة. والوقوع يطلق على السقوط، أي الهوى، فمواقع النجوم مواضع غُروبها فيكون في معنى قوله تعالى :( والنجم إذا هوى ( ( النجم : ١ ) والقسم بذلك مما شمله قوله تعالى :( فلا أقسم برب المشارق والمغارب ( ( المعارج : ٤٠ ). وجعل ) مواقع النجوم ( بهذا المعنى مقسماً به لأن تلك المساقط في حال سقوط النجوم عندها تذكِّر بالنظام البديع المجعول لسير الكواكب كلَّ ليلة لا يختل ولا يتخلف، وتذكِّر