" صفحة رقم ٣٦٧ "
وحكى الله عنهم قولهم :( وما يهلكنا إلا الدهر ( ( الجاثية : ٢٤ ) فلما قال :( له ملك السماوات والأرض وإلى الله ترجع الأمور ( ( الحديد : ٥ )، أبطل بعده اعتقاد أهل الشرك أن للزمان الذي هو تعاقب الليل والنهار والمعبر عنه بالدهر تصرفاً فيهم، وهذا معنى اسمه تعالى :( المدبر ).
لما ذكر تصرف الله في الليل وكان الليل وقت إخفاء الأشياء أعقب ذكره بأن الله عليم بأخفى الخفايا وهي النوايا، فإنها مع كونها معاني غائبة عن الحواس كانت مكنونة في ظلمة باطن الإِنسان فلا يطلع عليها عالم إلا الله تعالى، وهذا كقوله تعالى :( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ( ( الأنعام : ٥٩ )، وقوله :( ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون ( ( هود : ٥ ).
) ذات الصدور ( : ما في خواطر الناس من النوايا، ف ( ذات ) هنا مؤنث ( ذو ) بمعنى صاحبة.
والصحبة : هنا بمعنى الملازمة.
ولما أريد بالمفرد الجنس أضيف إلى ( جمع )، وتقدم ) إنه عليم بذات الصدور في سورة الأنفال. وقد اشتمل هذا المقدار من أول السورة إلى هنا على معاني ست عشرة صفة من أسماء الله الحسنى : وهي : الله، العزيز، الحكيم، الملك، المحيي، المميت، القدير، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، العليم، الخالق، البصير، الواحد، المدبر.
وعن ابن عباس أن اسم الله الأعظم هو في ست آيات من أول سورة الحديد فهو يعني مجموع هذه الأسماء.
واعلم أن ما تقدم من أول السورة إلى هنا يرجح أنه مكي.


الصفحة التالية
Icon