" صفحة رقم ٣٨٩ "
مشهور من أن الأسير والجاني قد يتخلصان من المؤاخذة بفدية تبذل عنهما.
فعطف ) ولا من الذين كفروا ( قُصد منه تعليل أن لا محيص لهم من عذاب الكفر، مثل الذين كفروا، أي الذين أعلنوا الكفر حتى كان حالةً يعرفون بها. وهذا يقتضي أن المنافقين كانوا هم والكافرون في صعيد واحد عندَ أبواببِ جهنم، ففيه احتراس من أن يتوهم الكافرون الصرحاء من ضمير ) لا يؤخذ منكم فدية ( أن ذلك حكم خاص بالمنافقين تعلقاً بأقل طمع، فليس ذكر ) ولا من الذين كفروا ( مجرد استطراد.
والمأوى : المكان الذي يُؤَوى إليه، أي يصَار إليه ويُرجع، وكني به عن الاستمرار والخلود.
وأكد ذلك بالصريح بجملة ) مأواكم النار هي مولاكم ( أي ترجعون إليها كما يرجع المستنصر إلى مولاه لينصره أو يفادي عنه، فاستعير المولى للمَقَرَّ على طريقة التهكم.
ويجوز مع ذلك أن يجعل المولى اسم مكان الوَلْي، وهو القرب والدنوّ، أي مقركم، كقول لبيد :
فغدتْ كلا الفرجينْ تحسب أنه
مَولَى المخافة خلْفُها وأمَامُها
أي مكان المخافة ومقرها.
و ) بئس المصير ( تذييل يشمل جميع ما يصيرون إليه من العذاب. وقد يحصل العلم للمؤمنين بما أجابوا به أهل النفاق لأنهم صاروا إلى دار الحقائق.
قد علم من صدر تفسير هذه السورة أن هذه الآية نزلت بمكة سنة أربع أو خمس


الصفحة التالية
Icon