" صفحة رقم ٣٩٠ "
من البعثة رواه مسلم وغيره عن عبد الله بن مسعود أنه قال : ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية ) ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ( إلى ) وكثير منهم فاسقون ( إلا أرْبَعُ سنين.
والمقصود من ) الذين آمنوا ( : إما بعض منهم ربما كانوا مقصرين عن جمهور المؤمنين يومئذٍ بمكة فأراد الله إيقاظ قلوبهم بهذا الكلام المجمل على عادة القرآن وأقوال الرسول ( ﷺ ) في التعريض مثل قوله :( ما بال أقوام يفعلون كذا ) وقوله تعالى :( وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية ( ( آل عمران : ١٥٤ ). وليس ما قاله ابن مسعود مقتضياً أن مثله من أولئك الذين ذكرهم الله بهذه الآية ولكنه يخشى أن يكون منهم حذراً وحيطة.
فالمراد ب ) الذين آمنوا ( المؤمنون حقاً لا من يُظهرون الإيمان من المنافقين إذ لم يكن في المسلمين بمكة منافقون ولا كان دَاع إلى نِفاق بعضهم. وعن ابن مسعود ( لما نزلت جعل بَعضنا ينظر إلى بعض ونَقول : ما أحدثْنا ).
وإما أن يكون تحريضاً للمؤمنين على مراقبة ذلك والحذرِ من التقصير.
والهمزة في ) ألم يأن ( للاستفهام وهو استفهام مستعمل في الإنكار، أي إنكار نفي اقتراب وقت فاعل الفعل.
ويجوز أن يكون الاستفهام للتقرير على النفي، وفعل ) يأن ( مشتق من اسم جامد وهو الإِنَى بفتح الهمزة وكسرها، أي الوقت قال تعالى :( غير ناظرين إناه ( ( الأحزاب : ٥٣ ). وقريب من قوله :( ألم يأن ( قولهم : أما آن لك أن تفعل، مثل ما ورد في حديث إسلام عمر بن الخطاب من قول النبي ( ﷺ ) له ( أَمَا آنَ لك يا ابنَ الخطاب أن تُسلم ) وفي خبر إسلام أبي ذر من أن علي بن أبي طالب وجده في المسجد الحرام وأراد أن يُضيفه وقال له :( أما آن للرجل أن يعرِف منزله ) يريد : أن يعرف منزلي الذي هو كمنزله. وهذا تلطف في عرض الاستضافة، إلا أن فعل ) يأن ( مشتق من الإِنى وهو فعل منقوص آخره ألف. وفعل : آن مشتق من الأَين وهو الحين وهو فعل أجوف آخره نون.


الصفحة التالية
Icon