" صفحة رقم ٤١٣ "
ساوَى الحقيقة، وعلى هذه القراءة فعائد الموصول محذوف لأنه ضمير متصل منصوب بفعل، والتقدير : بما آتاكموه، وفيه إدماج المنة مع الموعظة تذكيراً بأن الخيرات من فضل الله. وقرأه أبو عمرو وَحدَه بهمزة واحدة على أنه من ( أتى )، إذا حَصل، فعائد الموصول هو الضمير المستتر المرفوع ب ( آتى )، وفي هذه القراءة مقابلة ) آتاكم ( ب ( فاتكم ) وهو محسن الطباق ففي كلتا القراءتين محسّن.
يجوز أن يكون ) الذين يبخلون ( ابتداء كلام على الاستئناف لأن الكلام الذي قبله ختم بالتذييل بقوله :( والله لا يحب كل مختال فخور ( ( الحديد : ٢٣ ) فيكون ) الذين يبخلون ( مبتدأ وخبره محذوفاً يدل عليه جواب الشرط وهو ) فإن الله هو الغني الحميد ). والتقدير : فإن الله غني عنهم وحامد للمنفقين.
ويجوز أن يكون متصلاً بما قبله على طريقة التخلص فيكون ) الذين يبخلون ( بدلاً من ) كل مختال فخور (، أو خبراً لِمبتدأ محذوف هو ضمير ) كل مختال فخور ). تقديره : هم الذين يبخلون، وعلى هذا الاحتمال الأخير فهو من حذف المسند إليه اتّباعا للاستعمال كما سماه السكاكي، وفيه وجوه آخر لا نطوِّل بها.
والمراد ب ) الذين يبخلون ( : المنافقون، وقد وصفهم الله بمثل هذه الصلة في سورة النساء، وأمرهم الناس بالبخل هو الذي حكاه الله عنهم بقوله :( هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ( ( المنافقون : ٧ )، أي على المؤمنين.
وجملة ) ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد ( تذييل لأن ) من يتولّ ( يعم ) الذين يبخلون ( وغيرهم فإنّ ) الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ( أي في سبيل الله وفي النفقات الواجبه قد تولوا عن أمر الله و ( مَن ) شرطية عامة.