" صفحة رقم ٤٢٧ "
خارجون عن الإِيمان، فالمراد بالفسق ما يشمل الكفر وما دونه مثل الذين بدلوا الكتاب واستخفوا بشرائعه كما قال تعالى :( يأيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله ( ( التوبة : ٣٤ ).
الغالب في القرآن أن الذين آمنوا لقب للمؤمنين بمحمد ( ﷺ ) ولكن لما وقع ) يا أيها الذين آمنوا ( هنا عقب قوله :( فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم ( ( الحديد : ٢٧ )، أي من الذين اتبعوا عيسى عليه السلام، احتمل قوله :( يا أيها الذين آمنوا ( أن يكون مستعملاً استعماله اللَّقبي أعني : كونه كالعلَم بالغلبة على مؤمني ملّة الإسلام. واحتمل أن يكون قد استُعمل استعمالَه اللُّغوي الأعَمَّ، أعني : من حصل منه إيمان، وهو هنا من آمن بعيسى. والأظهر أن هذين الاحتمالين مقصودَاننِ ليأخذ خُلص النصارى من هذا الكلام حظهم وهو دعوتهم إلى الإِيمان بمحمد ( ﷺ ) ليستكملوا ما سبق من اتباعهم عيسى فيكون الخطاب موجهاً إلى الموجودين ممن آمنوا بعيسى، أي يا أيها الذين آمنوا إيماناً خالصاً بشريعة عيسى اتقوا الله واخشَوْا عقابه واتركوا العصبية والحسد وسوء النظر وآمنوا بمحمد ( ﷺ )
وأما احتمال أن يراد بالذين آمنوا الإِطلاق اللقبي فيأخذَ منه المؤمنون من أهل الملة الإِسلامية بشارةً بأنهم لا يقلّ أجرهم عن أجر مؤمني أهل الكتاب لأنهم لما آمنوا بالرسل السابقين أعطاهم الله أجر مؤمني أهل مِللهم، ويكون قوله :( وآمنوا ( مستعملاً في الدوام على الإِيمان كقوله :( يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله في سورة النساء، ويكون إقحام الأمر بالتقوى في هذا الاحتماللِ قصداً لأن يحصل في الكلام أمر بشيء يتجدد ثم يُردفَ عليه أمر يفهم منه أن المراد به طلب الدوام وهذا من بديع نظم القرآن.
ومعنى إيتاء المؤمنين من أهل ملة الإسلام كفلين من الأجر : أن لهم مثل


الصفحة التالية
Icon