" صفحة رقم ٤٣٠ "
اليهود والنصارى لا يوصف بأنه من أهل الكتاب في اصطلاح القرآن، ولذلك لما وصف عبد الله بن سلام في القرآن وصف بقوله :( ومن عنده علم الكتاب ( ( الرعد : ٤٣ ) وقوله :( وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ( ( الأحقاف : ١٠ )، فلما كان المتحدث عنهم آنفاً صاروا مؤمنين بمحمد ( ﷺ ) فقد انسلخ عنهم وصف أهل الكتاب، فبقي الوصف بذلك خاصاً باليهود والنصارى، فلما دعا الله الذين اتبعوا المسيح إلى الإيمان برسوله محمد ( ﷺ ) ووعدهم بمضاعفة ثواب ذلك الإِيمان، أعلمهم أن إيمانهم يُبطل ما ينتحلُه أتباع المسيحية بعد ذلك من الفضل والشرف لأنفسهم بدوامهم على متابعة عيسى عليه السلام فيغالطوا الناس بأنهم إن فاتهم فضل الإِسلام لم يفتهم شيء من الفضل باتباع عيسى مع كونهم لم يغيروا دينهم.
وقد أفاد هذا المعنى قوله تعالى :( لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله ).
قال الفخر : قال الواحدي : هذه آية مشكلة وليس للمفسرين كلام واضح في اتصالها بما قبلها اه أي هل هي متصلة بقوله :( يؤتكم كفلين من رحمته ( ( الحديد : ٢٨ ) الآية، أو متصلة ) فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم ( إلى قوله :( والله ذو الفضل غفور رحيم ( ( الحديد : ٢٧، ٢٨ ). يريد الواحدي أن اتصال الآية بما قبلها ينبني عليه معنى قوله تعالى :( لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله ).
فاللام في قوله :( لئلا يعلم أهل الكتاب ( يحتمل أن تكون تعليلية فيكون ما بعدها معلولاً بما قبلها، وعليه فحرف ( لا ) يجوز أن يكون زائداً للتأكيد والتقوية.
والمعلَّل هو ما يرجع إلى فضل الله لا محالة وذلك ما تضمنه قوله :( يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم ( أو قوله :( فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم إلى غفور رحيم ( ( الحديد : ٢٧، ٢٨ ).
وذهب جمهور المفسرين إلى جعل ( لا ) زائدة. وأن المعنى على الإِثبات، أي لأن يعلم، وهو قول ابن عباس وقرأ ) ليعلم (، وقرأ أيضاً ) لكي يعلم ( ( وقراءته تفسير ). وهذا قول الفرّاء والأخفش، ودرج عليه الزمخشري في


الصفحة التالية
Icon