" صفحة رقم ٤٣١ "
( الكشاف ) وابن عطية وابن هشام في ( مغني اللبيب )، وهو بناء على أن ( لا ) قد تقع زائدة وهو ما أثبته الأخفش، ومنه قوله تعالى :( ما منعك إذ رأيتهم ضلوا أن لا تتبعني ( ( طه : ٩٢، ٩٣ ) وقوله :( ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك ( ( الأعراف : ١٢ ) وقوله :( فلا أقسم بمواقع النجوم ( ( الواقعة : ٧٥ ) ونحو ذلك وقوله :( وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ( ( الأنبياء : ٩٥ ) على أحد تأويلات، وروي أن العرب جعلتها حشواً في قول الشاعر أنشده أبو عمرو بن العلاء :
أَبَى جُودُه لا البخلَ واستعجلت به
( نعم ) من فتى لا يمنع الجود قائلُه
في رواية بنصب ( البخل )، البخل وأن العرب فسروا البيتَ بمعنى أبَى جودُه البخلَ.
والمعنى : على هذا الوجه أن المعلَّل هو تبليغ هذا الخبر إلى أهل الكتاب ليعلموا أن فضل الله أُعطيَ غيرهم فلا يتبجحوا بأنهم على فضل لا ينقص عن فضل غيرهم إذا كان لغيرهم فضل وهو الموافق لتفسير مجاهد وقتادة.
وعندي : أنه لا يعطي معنى لأن إخبار القرآن بأن للمسلمين أجرين لا يصدِّق به أهل الكتاب فلا يستقر به علمهم بأنهم لا فضل لهم فكيف يعلل إخبار الله به بأنه يُزيل علم أهل الكتاب بفضل أنفسهم فيعلمون أنهم لا فضل لهم.
وذهب أبو مسلم الأصفهاني وتبعه جماعة إلى أن ( لا ) نافية، وقرره الفخر بأن ضمير ) يقدرون ( عائد إلى رسول الله ( ﷺ ) والذين آمنوا به ( أي على طريق الالتفات من الخطاب إلى الغيبة وأصله أن لا تقدروا ) وإذا انتفى علم أهل الكتاب بأن الرسول ( ﷺ ) والمسلمين لا يقدرون على شيء من فضل الله ثبت ضد ذلك في علمهم أي كيف أن الرسول ( ﷺ ) والمسلمين يقدرون على فضل الله، ويكون ) يقدرون ( مستعاراً لمعنى : ينالون، وأن الفضل بيد الله، فهو الذي فضلهم، ويكون ذلك كناية عن انتفاء الفضل عن أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بالرسول ( ﷺ )


الصفحة التالية
Icon