" صفحة رقم ٥٧ "
حالهم من أصحابهم أو يسمع منهم إشفاقهم واستغفارهم. وحذف متعلق ) مشفقين ( لأنه دل عليه ) ووقانا عذاب السموم ).
وعلى هذا الوجه يكون معنى ( في ) الظرفية. ويتعلق ) في أهلنا ( ب ) كنا (، أي حين كنا في ناسنا في الدنيا. ف ) أهلنا ( هنا بمعنى آلنَا.
ويجوز أن تكون المقالة صادرة من الذين آمنوا يخاطبون ذرياتهم الذين ألحقوا بهم ولم يكونوا يحسبون أنهم سيلحقون بهم : فالمعنى : إنا كنا قبل مشفقين عليكم، فتكون ( في ) للظرفية المجازية المفيدة للتعليل، أي مشفقين لأجلكم.
ومعنى ) فمن الله علينا ( من علينا بالعفو عنكم فأذهب عنا الحزن ووقانا أن يعذبكم بالنار. فلما كان عذاب الذريات يحزن آباءهم جعلت وقاية الذريات منه بمنزلة وقاية آبائهم فقالوا :( ووقانا عذاب السموم ( إغراقاً في الشكر عنهم وعن ذرياتهم، أي فمنّ علينا جميعاً ووقانا جميعاً عذاب السموم.
والسَموم بفتح السين، أصله اسم الريح التي تهبّ من جهة حارّة جداً فتكون جافّة شديدة الحرارة وهي معروفة في بلاد العرب تهلك من يتنشقها. وأطلق هنا على ريح جهنم على سبيل التقريب بالأمر المعروف، كما أطلقت على العنصر الناري في قوله تعالى :( والجان خلقناه من قبل من نار السموم في سورة الحجر وكل ذلك تقريب بالمألوف.
وجملة إنا كنا من قبل ندعوه ( تعليل لمنة الله عليهم وثناء على الله بأنه استجاب لهم، أي كنا من قبل اليوم ندعوه، أي في الدنيا.
وحذف متعلق ) ندعوه ( للتعميم، أي كنا نبتهل إليه في أمورنا، وسبب العموم داخل ابتداء، وهو الدعاء لأنفسهم ولذرياتهم بالنجاة من النار وبنوال نعيم الجنة.
ولما كان هذا الكلام في دار الحقيقة لا يصدر إلا عن إلهام ومعرفة كان دليلاً على أن دعاء الصالحين لأبنائهم وذرياتهم مرجو الإِجابة، كما دل على إجابة دعاء


الصفحة التالية
Icon