" صفحة رقم ٧٧ "
فيكون الخبر في قوله :( فهم يكتبون ( مستعملاً في معناه من إفادة النسبة الخبرية.
ويجوز أن تكون الكتابة على حقيقتها، أي فهم يسجلون ما أطلعوا عليه من الغيب ليبقى معلوماً لمن يطلع عليه ويكون الخبر من قوله :( فهم يكتبون ( مستعملاً في معنى الفرض والتقدير تبعاً لفرض قوله :( عندهم الغيب، ويكون من باب قوله تعالى : أعنده علم الغيب فهو يرى ( ( النجم : ٣٥ ) وقوله :( وقال لأوتين مالاً وولداً أطلع الغيب ( ( مريم : ٧٧، ٧٨ ).
وحاصل المعنى : أنهم لا قبل لهم بإنكار ما جحدوه ولا بإثبات ما أثبتوه.
انتقال من نقض أقوالهم وإبطال مزاعمهم إلى إبطال نواياهم وعزائمهم من التبيت للرسول ( ﷺ ) وللمؤمنين ولدعوة الإِسلام من الإِضرار والإِخفاق وفي هذا كشف لسرائرهم وتنبيه للمؤمنين للحذر من كيدهم.
وحذف متعلِّق ) كيداً ( ليعم كل ما يستطيعون أن يكيدوه فكانت هذه الجملة بمنزلة التتميم لنقض غزلهم والتّذييل بما يعم كل عزم يجري في الأغراض التي جرت فيها مقالاتهم.
والكيد والمكر متقاربان وكلاهما إظهار إخفاء الضر بوجوه الإِخفاء تغريراً بالمقصودِ له الضُرُّ.
وعدل عن الإِضمار إلى الإِظهار في قوله :( فالذين كفروا هم المكيدون ( وكان مقتضى الظاهر أن يقال فهم المكيدون لِما تؤذن به الصلة من وجه حلول الكيد بهم لأنهم كفروا بالله، فالله يدافع عن رسوله ( ﷺ ) وعن المؤمنين وعن دينه كيدهم ويوقعهم فيما نووا إيقاعهم فيه.
وضمير الفصل أفاد القصر، أي الذين كفروا المكيدون دون من أرادوا الكيد به.


الصفحة التالية
Icon