" صفحة رقم ٩٦ "
الرسل والأنبياء، ولذلك لما ناول الملَك رسول الله ( ﷺ ) ليلةَ الإِسراء كأس لَبن وكأسَ خمر، فاختار اللبن قَال له جبريل : اخترتَ الفِطرة ولو أخذتَ الخمر غَوت أمتك.
وقوله :( فاستوى ( مفرع على ما تقدم من قوله :( علمه شديد القوى ).
والفاء لتفصيل ) علمه (، والمستوي هو جبريل. ومعنى استوائه : قيامه بعزيمة لتلقي رسالة الله، كما يقال : استقل قائماً، ومثل : بين يدي فلان، فاستواء جبريل هو مبدأ التهيُّؤ لقبول الرسالة من عند الله، ولذلك قيد هذا الاستواء بجملة الحال في قوله :( وهو بالأفق الأعلى ). والضمير لجبريل لا محالة، أي قبل أن ينزل إلى العالم الأرضي.
والأفق : اسم للجو الذي يبدو للناظر ملتقى بين طَرَف منتهى النظر من الأرض وبين منتهى ما يلوح كالقبة الزرقاء، وغلب إطلاقه على ناحية بعيدة عن موطن القوم ومنه أفق المشرق وأفق المغرب.
ووصفه ب ) الأعلى ( في هذه الآية يفيد أنه ناحية من جو السماء. وذكر هذا ليرتب عليه قوله :( ثم دنا فتدلى ).
و ) ثم ( عاطفة على جملة ) فاستوى (، والتراخي الذي تقيده ) ثم ( تراخخٍ رتبيّ لأن الدنوّ إلى حيث يبلِّغ الوحيَ هو الأَهم في هذا المقام.
والدنوّ : القرب، وإذ قد كان فعل الدنوّ قد عطف ب ) ثم ( على ) فاستوى وهو بالأفق الأعلى ( علم أنه دنا إلى العالم الأرضي، أي أخذ في الدنو بعد أن تلقى ما يبلغه إلى الرسول ( ﷺ )
وتدلّى : انخفض من علو قليلاً، أي ينزل من طبقات إلى ما تحتها كما يتدلى الشيء المعلق في الهواء بحيث لو رآه الرائي يحسبه متدلياً، وهو ينزل من السماء غير منقضَ.
وقاب، قيل معناه : قَدْر. وهو واوي العين، ويقال : قاب وقِيب بكسر


الصفحة التالية
Icon