" صفحة رقم ١٣٣ "
بالمرأة. فقالوا : أخرجي الكتاب، فقالت : ما معي كتاب، فقالوا : لتخرجنَّ الكتاب أو لَنُلْقِيّنَ الثّياب ( يعنون أنهم يجردونها ) فأخرجته من عقاصها، وفي رواية من حُجْزتها.
فأتوا به النبي ( ﷺ ) فقال : يا حاطب ما هذا ؟ قال : لا تعجل عليَّ يا رسول الله. فإني كنت امرأ ملصقاً في قريش وكان لمن كان معك من المهاجرين قرابات يحمون بها أهليهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يداً يحمُون بها قرابتي ( يريد أمه وإخوته )، ولم أفعله كُفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضىً بالكفر بعد الإِسلام. فقال النبي ( ﷺ ) صَدقَ. فقال عمر : دعني يا رسول الله أضربْ عنق هذا المنافق، فقال النبي ( ﷺ ) ( إنه قد شهد بدراً وما يُدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ). وقال : لا تقولوا لحاطب إلاّ خيراً فأنزل الله تعالى :( يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ( الآيات.
والظاهر أن المرأة جاءت متجسسة إذ ورد في بعض الروايات أن النبي ( ﷺ ) لم يؤمِّن يوم الفتح أربعةً منهم هذه المرأة لكن هذا يعارضه ما جاء في رواية القصة من قول النبي ( ﷺ ) ( خذوا منها الكتاب وخَلُّوا سبيلها ).
وقد وجه الخطاب بالنهي إلى جميع المؤمنين تحذيراً من إتيان مثل فعل حاطب.
والعدوّ : ذو العداوة، وهو فعول بمعنى فاعل من : عدا يعدو، مثل عفوّ. وأصله مصدر على وزن فعول مثل قَبول ونحوه من مصادر قليلة. ولكونه على زنة المصادر عومل معاملة المصدر فاستوى في الوصف به المذكر والمؤنث والواحد والمثنى والجمع. قال تعالى :( فإنهم عدو لي ( ( الشعراء : ٧٧ )، وتقدم عند قوله تعالى :( فإن كان من قوم عدو لكم في سورة النساء.
والمعنى : لا تتخذوا أعدائي وأعداءكم أولياء. والمراد العداوة في الدين فإن المؤمنين لم يبدأوهم بالعداوة وإنما أبدى المشركون عداوة المؤمنين انتصاراً لشركهم فعدُّوا من خرجوا عن الشرك أعداء لهم. وقد كان مشركو العرب متفاوتين في مناواة المسلمين فإن خزاعة كانوا مشركين وكانوا موالين النبي ( ﷺ ).


الصفحة التالية
Icon