" صفحة رقم ١٤٣ "
تضمنه الخبر كقول عُمر لابن عباس يوم طَعَنه غلامُ المغيرة :( قد كنتَ أنتَ وأبوك تُحبان أن يكثر هؤلاء الأعلاجُ بالمدينة )، ومنه قوله تعالى :( لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك ( ( ق : ٢٢ ) توبيخاً على ما كان منهم في الدنيا من إنكار للبعث، وقوله تعالى :( وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ( ( القلم : ٤٣ ) وقوله :( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ( ( الأحزاب : ٢١ ).
ويتعلق ) لكم ( بفعل ( كان )، أو هو ظرف مستَقِرّ وقع موقع الحال من ) أسوة حسنة ).
وإبراهيم عليه السلام مَثَل في اليقين بالله والغضب به، عَرف ذلك العرب واليهود والنصارى من الأمم، وشاع بين الأمم المجاورة من الكنعانيين والأَراميين، ولعله بلغ إلى الهند. وقد قيل : إن اسم ( بَرهما ) معبودِ البراهة من الهنود مُحرف عن ( اسم إبراهيم ) وهو احتمال.
وعُطف ) والذين معه ( ليتم التمثيل لحال المسلمين مع رسولهم ( ﷺ ) بحال إبراهيم عليه السلام والذين معه، أي أن يكون المسلمون تابعين لرضى رسولهم ( ﷺ ) كما كان الذين مع إبراهيم عليه السلام.
والمراد ب ) الذين معه ( الذين آمنوا به واتبعوا هديه وهم زوجه سَارَةُ وابن أخيه لوطٌ ولم يكن لإِبراهيم أبناء، فضمير ) إذ قالوا ( عائد إلى إبراهيم والذين معه فهم ثلاثة.
و ) إذْ ( ظرف زمان بمعنى حينَ، أي الأسوة فيه وفيهم في ذلك الزمن.
والمراد بالزمن : الأحوال الكائنة فيه، وهو ما تبينه الجملة المضاف إليها الظرف وهي جملة ) قالوا لقومهم إنا برءآء منكم ( الخ.
والإِسوة بكسر الهمزة وضمها : القُدوة التي يقتدَى بها في فعل ما. فوصفت في الآية ب ) حسنة ( وصفاً للمدح لأن كونها حسنة قد علم من سياق ما قبله وما بعده.
وقرأ الجمهور ) إسوة ( بكسر الهمزة، وقرأه عاصم بضمها. وتقدمت في قوله تعالى :( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة في سورة الأحزاب.