" صفحة رقم ١٤٥ "
يستطيعه أمثالهم من درجات تغيير المنكر وهو التغيير باللسان إذ ليسوا بمستطيعين تغيير ما عليه قومهم باليَد لقلتهم وضعفهم بين قومهم.
و ) العداوة ( المعاملة بالسوء والاعتداءِ.
و ) البغضاء ( : نفرة النفس، والكراهيةُ وقد تطلق إحداهما في موضع الأخرى إذا افترقتا، فذِكرهما معاً هنا مقصود به حصول الحالتين في أنفسهم : حالة المعاملة بالعدوان، وحالة النفرة والكراهية، أي نُسِيءُ معاملتكم ونُضمر لكم الكراهية حتى تؤمنوا بالله وحده دون إشراك.
والمراد بقولهم هذا لقومهم أنهم قالوه مقال الصادق في قوله، فالائتساء بهم في ذلك القول والعمل بما يترجم عليه القول مما في النفوس، فالمؤتَسَى به أنهم كاشفوا قومهم بالمنافرة، وصرحوا لهم بالبغضاء لأجل كفرهم بالله ولم يصانعوهم ويغضُّوا عن كفرهم لاكتساب مودتهم كما فعل الموبخ بهذه الآية.
الأظهر أن هذه الجملة معترضة بين جمل حكاية مقال إبراهيم والذين معه وجملة ) لقد كان لكم فيهم إسوة حسنة ( ( الممتحنة : ٦ )، والاستثناء منقطع إذ ليس هذا القول من جنس قولهم :( إنا برءآء منكم ( الخ، فإن قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك رفقٌ بأبيه وهو يغاير التبرُّؤ منه، فكان الاستثناء في معنى الاستدراك عن قوله :( إذ قالوا لقومهم إنا برءآء منكم ( الشامل لمقالة إبراهيم معهم لاختلاف جنسي القولين.
قال في ( الكشاف ) في قوله تعالى :( قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين إلا آل لوط في سورة الحجر ( ٥٨، ٥٩ ). أنه استثناء منقطع من قوم ( لأن القوم موصوفون بالإِجرام فاختلَف لذلك الجنسان ا هـ. فجعل اختلاف جنسي المستثنى والمستثنى منه موجباً اعتبار الاستثناء منقطعاً. وفائدة الاستدراك هنا التعريض بخطأ حاطب ابن أبي بلتعة، أي إن كنتم معتذرين فليكن عذركم في مواصلة أعداء الله بأن تَوَدُّوا لهم مغفرةَ كفرهم باستدعاء سبب المغفرة وهو أن يهديهم الله إلى


الصفحة التالية
Icon