" صفحة رقم ١٤٦ "
الدين الحق كما قال إبراهيم لأبيه ) لأستغفرن لك (، ولا يكون ذلك بمصانعة لا يفهمون منها أنهم منكم بمحلّ المودة والعناية فيزدادوا تعنتاً في كفرهم.
وحكاية قول إبراهيم لأبيه ) وما أملك لك من الله من شيء ( إكمال لجملة ما قاله إبراهيم لأبيه وإن كان المقصود من الاستثناء مجرد وعده بالاستغفار له فبني عليه ما هو من بقية كلامه لما فيه من الدلالة على أن الاستغفار له قد لا يقبله الله.
والواو في ) وما أملك لك من الله من شيء ( يجوز أن تكون للحال أو للعطف. والمعنى متقارب، ومعنى الحال أوضح وهو تذييل.
ومعنى الملك في قوله :( وما أملك ( القدرة، وتقدم في قوله تعالى :( قل فمن يملك من الله شيئاً في سورة العقود.
ومن شيء ( عامّ للمغفرة المسؤولة وغيرها مما يريده الله به.
الأظهر أن يكون هذا من كلام إبراهيم وقومه وجملة ) إلا قول إبراهيم ( إلى آخرها معترضة بين أجزاء القول فهو مما أمر المسلمون أن يأتسوا به، وبه يكون الكلام شديد الاتصال مع قوله :( لقد كان لكم فيهم إسوة حسنة ( ( الممتحنة : ٦ ).
ويحتمل أن يكون تعليماً للمؤمنين أن يقولوا هذا الكلام ويستحضروا معانيه ليجري عملهم بمقتضاه فهو على تقدير أمر بقول محذوف والمقصود من القول العمل بالقول فإن الكلام يجدد المعنى في نفس المتكلم به ويذكر السامع من غفلته. وهذا تتميم لما أوصاهم به من مقاطعة الكفار بعد التحريض على الائتساء بإبراهيم ومن معه.
فعلى المعنى الأول يكون حكاية لما قاله إبراهيم وقومه بما يفيد حاصل معانيه فقد يكون هو معنى ما حكاه الله عن إبراهيم من قوله :( الذي خلقني فهو يهدين