" صفحة رقم ١٥٠ "
ففعل ) يتول ( مضارع تولّى، فيجوز أن يكون ماضيه بمعنى الإِعراض، أي من لا يرجو الله واليوم الآخر ويعرض عن نهي الله فإن الله غنيّ عن امتثاله. ويجوز عندي أن يكون ماضيه من التولي بمعنى اتخاذ الوَلي، أي من يتخذ عدو الله أولياء فإن الله غنيّ عن ولايته كما في قوله تعالى :( ومن يتولّهم منكم فإنه منهم في سورة العقود.
وضمير الفصل في قوله : هو الغني ( توكيد للحصر الذي أفاده تعريف الجزأين، وهو حصر ادعائي لعدم الاعتداد بغنى غيره ولا بحمده، أي هو الغني عن المتولين لأن النهي عما نهوا عنه إنما هو لفائدتهم لا يفيد الله شيئاً فهو الغني عن كل شيء.
وإتْباع ) الغني ( بوصف ) الحميد ( تتميم، أي الحميد لمن يمتثل أمره ولا يعرض عنه أو ) الحميد ( لمن لا يتخذ عدوه ولياً على نحو قوله تعالى :( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ( ( الزمر : ٧ ).
اعتراض وهو استئناف متصل بما قبله من أول السورة خوطب به المؤمنون تسلية لهم على ما نُهوا عنه من مواصلة أقربائهم، بأن يرجوا من الله أن يجعل قطيعتهم آيلة إلى مودة بأن يُسلم المشركون من قرابة المؤمنين وقد حقق الله ذلك يوم فتح مكة بإسلام أبي سفيان والحارث بن هشام وسهيل بن عمرو وحكيم بن حزام.
قال ابن عباس : كان من هذه المودة تزوج النبي ( ﷺ ) أمَّ حبيبة بنت أبي سفيان، تزوجها بعد وفاة زوجها عبدِ الله بن جَحش بأرض الحبشة بعد أن تنصَّر زوجها فلما تزوجها النبي ( ﷺ ) لانت عريكة أبي سفيان وصرح بفضل النبي ( ﷺ ) فقال :( ذلك الفحل لا يُقْدَع أنفه ) ( روي بدال بعد القاف يُقال : قَدع أنفَه. إذا ضرَب أنفه بالرّمح ) وهذا تمثيل، كانوا إذا نزا فحل غير كريم على ناقة