" صفحة رقم ١٥١ "
كريمة دفعوه عنها بضرب أنفه بالرمح لئلا يكون نَتاجها هَجيناً. وإذ تقدم أن هذه السورة نزلت عام فتح مكة وكان تزوج النبي ( ﷺ ) أمّ حبيبة في مدة مهاجرتها بالحبشة وتلك قبل فتح مكة كما صرح به ابن عطية وغيره. يعني فتكون آية ) عسى الله أن يجعل بينكم ( الخ نزلت قبل نزول أول السورة ثم ألحقت بالسورة.
وإما أن يكون كلام ابن عباس على وجه المثال لحصول المودة مع بعض المشركين، وحصولُ مثل تلك المودة يهيّىء صاحبه إلى الإِسلام واستبعد ابن عطية صحة ما روي عن ابن عباس.
و ) عسى ( فعل مقاربة وهو مستعمل هنا في رجاء المسلمين ذلك من الله أو مستعملة في الوعد مجردة عن الرجاء. قال في ( الكشاف ) : كما يقول المَلك في بعض الحوائج عسى أو لعل فلا تبقى شبهة للمحتاج في تمام ذلك.
وضمير ) منهم ( عائد إلى العدوّ من قوله :( لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ( ( الممتحنة : ١ ).
وجملة ) والله قدير ( تذييل. والمعنى : أنه شديد القدرة على أن يغير الأحوال فيَصيرَ المشركون مؤمنين صادقين وتصيرون أوِدَّاء لهم.
وعطف على التذييل جملة ) والله غفور رحيم (، أي يغفر لمن أنابوا إليه ويرحمهم فلا عجب أن يصيروا أودّاء لكم كما تصيرون أوداء لهم.
استئناف هو منطوق لمفهوم الأوصاف التي وُصف بها العدوّ في قوله تعالى :( وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم ( ( الممتحنة : ١ ) وقوله :( إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء ( ( الممتحنة : ٢ )، المسوقة مساق التعليل للنهي عن اتخاذ عدوّ الله أولياء، استثنى الله أقواماً من المشركين غير مضمرين العداوة للمسلمين وكان دينهم شديد المنافرة مع دين الإِسلام.


الصفحة التالية
Icon