" صفحة رقم ١٦٥ "
من المؤمنات بهذه الآية ) يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك ( إلى قوله :( غفور رحيم ( فمن أقرّ بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله : قد بايعتُككِ.
والمقتضى لهذه البيعة بعد الإِمتحان أنهن دخلن في الإِسلام بعد أن استقرت أحكام الدين في مدة سنين لم يشهدن فيها ما شهده الرجال من اتساع التشريع آنا فآنا، ولهذا ابتدئت هذه البيعة بالنساء المهاجرات كما يؤذن به قوله :( إذا جاءك المؤمنات (، أي قدمن عليك من مكة فهي على وزان قوله :( يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات ( ( الممتحنة : ١٠ ). قال ابن عطية : كانت هذه البيعة ثاني يوم الفتح على جبل الصفا.
وأجرى النبي ( ﷺ ) هذه البيعة على نساء الأنصار أيضاً. روى البخاري عن أم عطية قالت : بايَعَنا رسول الله ( ﷺ ) فقرأ علينا ) أن لا يشركن بالله شيئاً ( الحديث.
وفيه عن ابن عباس قال : شهدت الصلاة يوم الفطر مع رسول الله ( ﷺ ) قبل الخطبة فنزل نبيء الله فكأني أنظر إليه حين يجلِّس الرجال بيده ثم أقبل يشقهم حتى أتى النساء مع بلال فقال :( يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن ( حتى فرغ من الآية كلها. ثم قال حين فرغ : أنتُنّ على ذلك فقالت امرأة منهنّ واحدة لم يجبه غيرها : نعم يا رسول الله. قال :( فتصدقن ).
وأجرى هذه المبايعة على الرجال أيضاً. ففي ( صحيح البخاري ) عن عبادة بن الصامت قال :( كنا عند النبي ( ﷺ ) فقال : أتبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تزنوا ولا تسرقوا، وقرأ آية النساء ( أي النازلة بخطاب النساء في سورة الممتحنة ) فمن وفَى منكم فأجره على الله. ومن أصاب من ذلك شَيئاً فعوقب به فهو كفارة له. ومن أصاب منها شيئاً فستره الله فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ).
واستمر العمل بهذه المبايعة إلى يوم فتح مكة وقد أسلم أهلها رجالاً ونساء فجلس ثاني يوم الفتح على الصفا يأخذ البيعة من الرجال على ما في هذه الآية،