" صفحة رقم ٢٢٨ "
مقتضيات تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر هنا أن يكون هذا التوبيخ غير شامل لجميع المؤمنين فإن نفراً منهم بَقُوا مع النبي ( ﷺ ) حين خطبته ولم يخرجوا للتجارة ولا للهو.
وفي ( الصحيح ) عن جابر بن عبد الله قال :( بينما نحن نصلّي مع النبي ( ﷺ ) وهو يخطب يوم الجمعة إذْ أقبلتْ عير من الشام تحمل طعاماً فانفتل الناس إليها حتى لم يبق مع النبي ( ﷺ ) إلا اثنا عشر رجلاً أنا فيهم ). وفي رواية : وفيهم أبو بكر وعمر، فأنزل الله فيهم هذه الآية التي في الجمعة ) وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً ( اه. وقد ذكروا في روايات أخرى أنه بقي مع النبي ( ﷺ ) أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعيد بن زيد، وبلال، وعبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، وجابر بن عبد الله، فهؤلاء أربعة عشر. وذكر الدارقطني في حديث جابر :( أنه قال ليس مع رسول الله ( ﷺ ) إلا أربعون رجلاً ).
وعن مجاهد ومقاتل :( كان النبي ( ﷺ ) يخطب فقدم دِحية بن خليفة الكلبي بتجارة فتلقاه أهله بالدفوف فخرج الناس ). وفي رواية ( أن أهل المدينة أصابهم جوع وغلاء شديد فقدم دحية بتجارة من زيت الشام ). وفي رواية ( وطعام وغير ذلك فخرج الناس من المسجد خشية أن يُسبقوا إلى ذلك ). وقال جابر بن عبد الله ( كانت الجواري إذا نَكحن يمرّرن بالمزامير والطَّبْل فانفضّوا إليها )، فلذلك قال الله تعالى :( وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً (، فقد قيل إن ذلك تكرر منهم ثلاث مرات، فلا شك أن خروجهم كان تارة لأجل مجيء العِير وتارة لحضور اللهو.
وروي أن العِير نزلت بموضع يقال له : أحجار الزيت فتوهم الراوي فقال : بتجارة الزيت.
وضمير ) إليها ( عائد إلى التجارة لأنها أهم عندهم من اللهو ولأن الحدث الذي نزلت الآية عنده هو مجيء عِير دحية من الشام. واكتفى به عن ضمير اللهو كما في قول قيس بن الخطيم، أو عمرو بن الحارث بن امرىء القيس :


الصفحة التالية
Icon