" صفحة رقم ٢٢٩ "
نحن بما عندنا وأنت بما
عندك راضٍ والرأيُ مختلف
ولعل التقسيم الذي أفادته ) أو ( في قوله :( أو لهواً ( تقسيم لأحوال المنفضّين إذ يكون بعضهم من ذوي العائلات خرجوا ليَمْتَاروا لأهلهم، وبعضهم من الشباب لا همة لهم في الميرة ولكن أحبوا حضور اللهو.
و ) إذا ( ظرف للزمان الماضي مجرد عن معنى الشرط لأن هذا الانفضاض مضى. وليس المراد أنهم سيعودون إليه بعد ما نزل هذا التوبيخ وما قبله من الأمر والتحريض. ومثله قوله تعالى :( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ( ( النساء : ٨٣ ) وقوله :( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا ( ( التوبة : ٩٢ ) الآية.
والانفضاض : مطاوع فَضَّه إذا فرقه، وغلب إطلاقه على غير معنى المطاوعة، أي بمعنى مطلق كما تفرق. قال تعالى :( هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضّوا ( ( المنافقون : ٧ ).
وقوله :( أو لهواً ( فيه للتقسيم، أي منهم من انفضّ لأجل التجارة، ومنهم من انفضّ لأجل اللهو، وتأنيث الضمير في قوله :( إليها ( تغليب للفظ ( تجارة ) لأن التجارة كانت الداعي الأقوى لانفضاضهم.
وجملة ) وتركوك قائماً ( تفظيع لفعلهم إذ فرطوا في سماع وعظ النبي ( ﷺ ) أي تركوك قائماً على المنبر. وذلك في خطبة الجمعة، والظاهر أنها جملة حالية، أي تركوك في حال الموعظة والإِرشاد فأضاعوا علماً عظيماً بانفضاضهم إلى التجارة واللهو. وهذه الآية تدل على وجوب حضور الخطبة في صلاة الجمعة إذ لم يقل : وتركوا الصلاة.
وأمر الله نبيئه ( ﷺ ) أن يعظهم بأن ما عند الله من الثواب على حضور الجمعة خير من فائدة التجارة ولذة اللهو. وكذلك ما أعد الله من الرزق للذين يؤثرون طاعة الله على ما يشغل عنها من وسائل الارتزاق جزاء لهم على إيثارهم جزاء في الدنيا قبل جزاء الآخرة، فرب رزق لم ينتفع به الحريص عليه وإن كان كثيراً، وربّ رزق قليل ينتفع به صاحبه ويعود عليه بصلاح، قال تعالى :( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن