" صفحة رقم ٢٦٨ "
الخطاب موجه للمشركين الذين حالهم كحال من لم يبلغهم نبأ الذين كفروا مثلَ كفرهم، مثلُ عاد وثمود ومَدين وقوم إبراهيم.
والاستفهام تقريري، والتقريري يؤتى معه بالجملة منفية توسعة على المقرر إن كان يريد الإِنكار حتى إذا أَقرّ لم يستطع بعد إقراره إنكاراً لأنه قد أعذر له من قبل بتلقينه النفي وقد تقدم غير مرة.
وحُذف ما أضيف إليه ) قبلُ ( ونوي معناه، والتقدير : من قبلِكم، أي في الكفر بقرينة قوله :( فمنكم كافر ( ( التغابن : ٢ ). والكافرون يعلمون أنهم المقصود لأنهم مُقدمون على الكفر ومستمرون عليه.
والوبال : السوء وما يكره.
والأمر : الشأن والحال.
والذَّوق مجاز في مطلق الإِحساس والوِجدان، شبه ما حلّ بهم من العذاب بشيء ذي طعم كريه يذوقه من حلّ به ويبتلعه لأن الذوق باللسان أشد من اللمس باليد أو بالجلد.
والمعنى : أحسوا العذاب في الدنيا إحساساً مكيناً.
وقوله :( ولهم عذاب أليم ( مراد به عذاب الآخرة لأن العطف يقتضي المغايرة.
ارتقاء في التعريض إلى ضرب منه قريببٍ من الصريح. وهو المسمى في الكناية بالإِشارة. كانت مقالةُ الذين من قبلُ مماثلة لمقالة المخاطبين فإذا كانت هي سبب ما ذاقوه من الوبال فيوشك أن يذوق مماثلوهم في المقالة مثل ذلك الوبال.
فاسم الإِشارة عائد إلى المذكور من الوبال والعذاب الأليم.
فهذا عَدّ لكفر آخر من وجوه كفرهم وهو تكذيبهم الرسول ( ﷺ ) وتكذيبهم بالقرآن فإن القرآن بيِّنة من البيّنات لأنه معجزة.


الصفحة التالية
Icon