" صفحة رقم ٢٧١ "
زعموا كذا. وروى أهل الأدب أن الأعشى لما أنشد قيس بن معد يكرب الكِندي قوله في مدحه :
ونبئتُ قيساً ولم أَبلُه
كما زَعموا خيرَ أهل اليمن
غضب قيس وقال له :( وما هو إلا الزعم ).
ولأجل ما يصاحب الزعم من توهم قائله صدق ما قاله أُلحق فعلُ زعم بأفعال الظن فنصب مفعولين. وليس كثيراً في كلامهم، ومنه قول أبي ذؤيب :
فإن تزعميني كنتُ أجهلُ فيكم
فإني شَرَيْتُ الحِلم بَعدَككِ بالجهل
ومن شواهد النحو قول أبي أمية أوس الحنفي :
زعمتْني شيخاً ولستُ بشيخ
إنما الشيخ من يَدبّ دبيباً
والأكثر أن يقع بعد فعل الزعم ( أَنَّ ) المفتوحة المشددة أو المخففة مثل التي في هذه الآية فيسد المصدرُ المنسبك مسدّ المفعولين. والتقدير : زعم الذين كفروا انتفاء بعثهم.
وتقدم الكلام على فعل الزعم في قوله تعالى :( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك الآية في سورة النساء، وقوله : ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون في سورة الأنعام وما ذكرته هنا أوفى.
والمراد ب الذين كفروا ( هنا المشركون من أهل مكة ومن على دينهم.
واجتلاب حرف ) لن ( لتأكيد النفي فكانوا موقنين بانتفاء البعث.
ولذلك جيء إبطال زعمهم مؤكَّداً بالقَسَم لينْقض نفيهم بأشد منه، فأُمر النبي ( ﷺ ) بأن يبلغهم عن الله أن البعث واقع وخاطبهم بذلك تسجيلاً عليهم أن لا يقولوا ما بلغناه ذلك.
وجملة ) قل بلى ( معترضة بين جملة ) زعم الذين كفروا ( وجملةِ ) فآمنوا بالله ورسوله ( ( التغابن : ٨ ).
وحرف ) بلَى ( حرف جواب للإِبطال خاصصٍ بجواب الكلام المنفي لإِبطاله.


الصفحة التالية
Icon