" صفحة رقم ٢٩٥ "
شرع مبتدأ قالوا : إنه يجوز أن يكون المراد إذا طلقتم في المستقبل فلا تعودوا إلى مثل ما فعلتم ولكن طلقوهن لعدتهن، أي في أطْهارهن كما سيأتي.
وتكرير فعل ) فطلقوهن ( لمزيد الاهتمام به فلم يقل إذا طلقتم النساء فلِطهرهن وقد تقدم نظير ذلك عند قوله تعالى :( وإذا بطشتم بطشتم جبارين في سورة الشعراء، وقوله : وإذا مروا باللغو مروا كراماً في سورة الفرقان.
واللام في لعدتهن ( لام التوقيت وهي بمعنى عند مثل كُتب ليوممِ كذا من شهر كذا. ومنه قوله تعالى :( أقم الصلاة لدلوك الشمس ( ( الإسراء : ٧٨ ) لا تحتمل هذه اللام غير ذلك من المعاني التي تأتي لها اللام. ولما كان مدخول اللام هنا غير زمان عُلم أن المراد الوقت المضاف إلى عدتهن أي وقت الطهر.
ومعنى التركيب أن عدة النساء جعلت وقتاً لإيقاع طلاقهن فكني بالعدة عن الطهر لأن المطلقة تعتد بالأطهار.
وفائدة ذلك أن يكون إيماء إلى حكمة هذا التشريع وهي أن يكون الطلاق عند ابتداء العِدة وإنما تُبتدأ العدة بأول طُهر من أطْهار ثلاثة لدفع المضرة عن المطلقة بإطالة انتظار تزويجها لأن ما بين حيضها إذا طلقت فيه وبين طهرها أيام غير محسوبة في عدتها فكان أكثر المطلقين يقصدون بذلك إطالة مدة العدة ليوسعوا على أنفسهم زمن الارتياء للمراجعة قبل أن يَبنَّ منهم.
وفعل ) طلقتم ( مستعمل في معنى أردتم الطلاق وهو استعمال وارد ومنه قوله تعالى :( يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ( ( المائدة : ٦ ) الآية والقرينة ظاهرة.
والآية تدل على إباحة التطليق بدلالة الإشارة لأن القرآن لا يقدِّر حصول فعل محرَّم من دون أن يبيّن منعه.
والطلاق مباح لأنه قد يَكون حاجيّاً لبعض الأزواج فإن الزوجين شخصان اعتشرا اعتشاراً حديثاً في الغالب لم تكن بينهما قبله صلة من نسب ولا جوار ولا تخلق بخلق متقارب أو متماثل فيكثر أن يحدث بينهما بعد التزوج تخالف في بعض نواحي المعاشرة قد يكون شديداً ويعسر تذليله، فيمل أحدهما ولا يوجد سبيل إلى