" صفحة رقم ٢٩٦ "
إراحتهما من ذلك إلا التفرقة بينهما فأحله الله لأنه حاجيّ ولكنه ما أحله إلا لدفع الضر فلا ينبغي أن يجعل الإِذن فيه ذريعة للنكاية من أحَد الزوجين بالآخر. أو من ذوي قرابتهما، أو لقصد تبديل المذاق. ولذلك قال النبي ( ﷺ ) ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ).
وتعليق ) طلقتم ( بإذا الشرطية مشعر بأن الطلاق خلاف الأصل في علاقة الزوجين التي قال الله فيها :( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ( ( الروم : ٢١ ).
واختلف العلماء في أن النبي ( ﷺ ) طلق وجزم به الخطابي في ( شرح سنن أبي داود ) : ولم يثْبُتْ تطليق النبي ( ﷺ ) بحديث صحيح والمروي في ذلك خبراننِ، أولهما ما رواه ابن ماجة عن سويد بن سعيد وعبد الله بن عامر بن زرارة ومسروق بن المرزبان بسندهم إلى ابن عباس عن عُمر بن الخطاب أن رسول الله ( ﷺ ) طلق حفصَة ثم راجعها. وفي هذا السند ضعف لأن سُوَيد بن سعيد ضعيف نسبه ابن معين إلى الكذب وضعفه ابن المديني والنسائي وابن عدي. وقَبله أحمد بن حنبل وأبو حاتم. وكذلك مسروق بن المرزبان يضعف أيضاً. وبقي عبد الله بن عامر بن زرارة لا متكلم فيه فيكون الحديث صحيحاً لكنه غريب وهو لا يُقبل فيما تتوفر الدواعي على روايته كهذا. وهذا الحديث غريب في مبدئه ومنتهاه لانفراد سعيد بن جبير بروايته عن ابن عباس، وانفراد ابن عباس بروايته عن عمر بن الخطاب مع عدم إخراج أهل الصحيح إياه فالأشبه أنه لم يقع طلاق النبي ( ﷺ ) حفصة ولكن كانت قضيةُ الإيلاء بسبب حفصة.
والمعروف في ( الصحيح ) عن عمر بن الخطاب أن رسول الله ( ﷺ ) آلى من نسائه فقال الناس طلق رسول الله نساءه. قال عمر :( فقلت يا رسول الله أطلقتَ نساءك ؟، قال :( لا آليت منهن شهراً ). فلعل أحد رواة الحديث عن ابن عباس عبر عن الإيلاء بلفظ التطليق وعن الفَيْئة بلفظ راجع على أن ابن ماجه يضعف عند أهل النقد.
وثانيهما : حديث الجونية أسماءَ أو أميمة بنت شُراحيل الكندية في ( الصحيح ) : أن رسول الله ( ﷺ ) تزوجها وأنه لما دخل يبني بها قالت له :( أعوذ بالله منك، فقال :


الصفحة التالية
Icon