" صفحة رقم ٣٣١ "
ومعنى ) قدر عليه رزقه ( جعل رزقه مقدوراً، أي محدوداً بقدر معين وذلك كناية عن التضييق. وضده ) يرزقون فيها بغير حساب ( ( غافر : ٤٠ )، يقال : قدر عليه رزقه، إذا قتّره، قال تعالى :( الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وتقدم في سورة الرعد أي من كان في ضيق من المال فلينفق بما يسمح به رزقه بالنظر إلى الوفاء بالإِنفاق ومراتبه في التقديم. وهذا مُجمَل هنا تفصيله في أدلة أخرى من الكتاب والسنة والاستنباط، قال النبي لهند بنت عتبة زوج أبي سفيان : خذي من ماله ما يكفيك وولدَك بالمعروف.
والمعروف : هو ما تعارفه الناس في معتاد تصرفاتهم ما لم تبطله الشريعة.
والرزق : اسم لما ينتفع به الإِنسان في حاجاته من طعام ولباس ومتاع ومنزل. سواء كان أعياناً أو أثماناً. ويطلق الرزق كثيراً على الطعام كما في قوله تعالى : وجد عندها رزقاً ( ( آل عمران : ٣٧ ).
ولم يختلف العلماء في أن النفقات لا تتحدد بمقادير معينة لاختلاف أحوال الناس والأزمان والبلاد. وإنما اختلفوا في التوسع في الإِنفاق في مال المؤسر هل يقضَى عليه بالتوسعة على من يُنفق هو عليه ولا أحسب الخلاف في ذلك إلا اختلافاً في أحوال الناس وعوائدهم ولا بدّ من اعتبار حال المنفَق عليه ومعتاده، كالزوجة العالية القَدر. وكل ذلك داخل تحت قول النبي ( ﷺ ) لهند :( ما يكفيك وولدَك بالمعروف ).
وجملة ) لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها ( تعليل لقوله :( ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ). لأن مضمون هذه الجملة قد تقرر بين المسلمين من قبل في قوله تعالى :( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها في سورة البقرة، وهي قبل سورة الطلاق.
والمقصود منه إقناع المنفَق عليه بأن لا يطلب من المنفِق أكثر من مقدُرته. ولهذا قال علماؤنا : لا يطلَّق على المعسر إذا كان يقدر على إشباع المنفَق عليها وإكسائها بالمعروف ولو بشظف، أي دون ضر.
ومما آتاه الله ( يشمل المقدرة على الاكتساب فإذا كان مَن يجب عليه


الصفحة التالية
Icon